لَهُ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْ وَرَثَتِهِ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِذَلِكَ الْمَالِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ يُقِرُّ بِذَلِكَ فَيَتَمَكَّنُ فِي هَذَا الصُّلْحِ مُحَابَاةً، وَهُوَ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ، فَإِقْرَارُهُ بِمَا يَتَضَمَّنُ بَرَاءَةَ الْأَجْنَبِيِّ مُعْتَبَرٌ بِإِقْرَارِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ فَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ يَكُونُ صَحِيحًا وَبَعْدَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ مِنْهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَهُ، وَهُوَ لَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا مُطْلَقًا عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ إذَا ادَّعَوْا ذَلِكَ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ حَالٌّ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُنَجِّمَهُ نُجُومًا عَلَيْهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنَّهُمَا إنْ أَخَّرَا نَجْمًا عَنْ مَحَلِّهِ، فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا حَالٌّ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ بِالْمَالِ كَفِيلًا كَانَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِهِ كَالْأَصِيلِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلَيْنِ مَالٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَنَجَّمَهُ عَلَيْهِمَا نُجُومًا عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ أَخَّرَا نَجْمًا عَنْ مَحَلِّهِ فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا حَالٌّ وَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ تَنْجِيمَ الْمَالِ عَلَيْهِمَا صُلْحٌ فَقَدْ عَلَّقَ بُطْلَانَ الصُّلْحِ بِعَامِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ إنَّمَا أَخَذَ مِنْ الْمَطْلُوبِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَفِّ بِهِ عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ فَالْكَفِيلُ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ عَلَى النُّجُومِ الَّتِي سَمَّيَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي لَيْلَى لَا يُجَوِّزُ تَعْلِيقَ الْمَالِ بِالْمَالِ بِحَظْرِ عَدَمِ الْمُوَافَاةِ بِالنَّفْسِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ، فَالْفِقْهُ فِي ذَلِكَ: أَنْ يَضْمَنَ الْكَفِيلُ الْمَالَ عَلَى أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِدَفْعِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَ مَحَلِّهِ إلَى الطَّالِبِ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ إيفَاءَ الْمَطْلُوبِ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ فَاشْتِرَاطُ بَرَاءَتِهِ عِنْدَ إيفَاءِ الْكَفِيلِ شَرْطٌ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ فَيَكُونُ صَحِيحًا.
رَجُلٌ صَالَحَ غَرِيمًا لَهُ عَلَى أَنْ يُؤَجِّلَهُ بِمَا عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ فُلَانٌ الْمَالَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا صُلْحَ بَيْنَهُمَا، وَالْمَالُ حَلَّ عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا آمَنُ أَنْ يُبْطِلَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَعْنِي بِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ عَلَى طَرِيقِ الْقِيَاسِ فَإِنَّ الصُّلْحَ قِيَاسُ الْبَيْعِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَإِذَا شَرَطَ فِي الْبَيْعِ ضَمَانَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ كَانَ ذَلِكَ مُبْطِلًا لِلْبَيْعِ فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ فَالْفِقْهُ فِي ذَاكَ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا فَيَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّ عَلَى طَرِيقِ الْقِيَاسِ إنَّمَا لَا يَصِحُّ هَذَا الْعَقْدُ لِبَقَاءِ الْغَرَرِ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَضْمَنُ الْكَفِيلُ الْمَالَ أَوْ لَا يَضْمَنُ، فَإِذَا ضَمِنَهُ فَقَدْ انْعَدَمَ مَعْنَى الْغُرُورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَالْفِقْهُ فِيهِ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى مَا ذَكَرْت عَلَى أَنَّ فُلَانًا إنْ ضَمِنَ هَذَا الْمَالَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ كَذَا فَالصُّلْحُ تَامٌّ وَإِلَّا فَلَا صُلْحَ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ بِهَذِهِ كَانَ تَمَامُ الصُّلْحِ بِقَدْرِ مَا ضَمِنَ فُلَانٌ، وَلَا يَبْقَى غَرَرٌ إذَا ضَمِنَ