أَلْفِ دِرْهَمٍ يُؤَدِّيهَا إلَيْهِ فِي سَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا صُلْحَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا عَلَى بَدَلٍ مُسَمًّى، وَيَكُونُ الصُّلْحُ صَحِيحًا عَلَى مَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الصُّلْحِ يَنْبَنِي عَلَى التَّوَسُّعِ، وَمِثْلُ هَذَا الصُّلْحِ يَصِحُّ بَيْنَ الْحُرَّيْنِ فَبَيْنَ الْمَوْلَى وَمُكَاتَبِهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ يَصِحُّ فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا كَانَ جَائِزًا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَلَأَنْ يَجُوزَ الصُّلْحُ عَلَى شَرْطٍ أَوْلَى.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ دَارًا فِي يَدِ ابْنِهِ وَامْرَأَتِهِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا لَهُ فَصَالَحَهُ الِابْنُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ مِنْهُمَا كَانَتْ الْمِائَةُ عَلَيْهِمَا أَثْمَانًا وَالدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْإِنْكَارِ إنَّمَا يَجُوزُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إسْقَاطُ دَعْوَى الْمُدَّعِي حَقَّهُ وَخُصُومَةٌ تَلْزَمُهُ لِبَعْضِ الْمَصَالِحِ وَلِهَذَا جَازَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مِنْهُ تَمْلِيكًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِذَا صَحَّ أَنَّهُ إسْقَاطٌ بَقِيَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّعْوَى، وَقَدْ كَانَتْ أَثْمَانًا، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الدَّارَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ ثَبَتَ أَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِمَا يَتَوَزَّعُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِمُطْلَقِ قَبُولِ الْعَقْدِ إنَّمَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى مَنْ يَنْتَفِعُ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمَالِ بِقَدْرِ مَا يَنَالُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ صَالَحَاهُ بَعْدَ إقْرَارِهِمَا بِهَا لَهُ، وَأَرَادَا بِالْإِقْرَارِ تَصْحِيحَ الصُّلْحِ فَالْمِائَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَالدَّارُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا أَقَرَّا أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي ثُمَّ صَالَحَاهُ فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَيَا الدَّارَ بِالْمِائَةِ وَظَهَرَ بِإِقْرَارِهِمَا أَنَّ الدَّارَ لَمْ تَكُنْ مِيرَاثًا بَيْنَهُمَا وَبِمُطْلَقِ الشِّرَاءِ يَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِيَيْنِ فِي الْمَنْزِلِ نِصْفَيْنِ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقِرَّا لِلْمُدَّعِي بِالدَّارِ ثُمَّ يُصَالِحَهُمَا مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ ثُمُنُ الدَّارِ وَلِلِابْنِ سَبْعَةُ أَثْمَانِهَا، فَإِذَا صَرَّحَا بِذَلِكَ كَانَ الْمِلْكُ فِي الدَّارِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا صَرَّحَا بِهِ، وَالثَّمَنُ كَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَيَاهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا ثُمُنُهَا، وَلِلْآخَرِ سَبْعَةُ أَثْمَانِهَا.
رَجُلٌ ادَّعَى فِي دَارِ رَجُلٍ دَعْوَى فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْهَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ مَبْنِيٌّ عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي؛ وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَارٍ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ، وَفِي زَعْمِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ يَسْتَوْفِي مِنْ الدَّارِ مِائَةَ ذِرَاعٍ بِمِلْكِهِ الْقَدِيمِ إلَّا أَنْ يَتَمَلَّكَهَا عَلَى ذِي الْيَدِ ابْتِدَاءً فَيَكُونُ صَحِيحًا، فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ دَارٍ أُخْرَى لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَجَازَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ بِعِوَضٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ دَارٍ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا.
مَرِيضٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا، وَلَهُ بِهِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى دَرَاهِمَ يَسِيرَةٍ وَأَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ