يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِنَصِيبِ الْبَائِعِ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا عَلِمَ بِهِ وَذَكَرَ هُنَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَجَزْتُ بَيْعَ النَّصِيبِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَإِنْ كَانَتْ سِهَامًا كَثِيرَةً لَمْ أُجِزْهُ حَتَّى يُسَمِّيَ لِأَنَّ عِنْدَ كَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ تَتَفَاحَشُ الْجَهَالَةُ وَالتَّفَاوُتُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَصِيبُ الْبَائِعِ مَعْلُومًا لِلْمُشْتَرِي، وَعِنْدَ قِلَّةِ الشُّرَكَاءِ يَقِلُّ التَّفَاوُتُ وَالْجَهَالَةُ وَفِي الْبَيْعِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْجَهَالَةِ الْمُتَفَاحِشَةِ وَالْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ (أَلَا تَرَى) أَنَّ بَيْعَ أَحَدِ الْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ مَعَ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي إذَا سَمَّى ثَمَنَ كُلِّ ثَوْبٍ مِنْهَا يَجُوزُ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ وَكَانَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ تَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ وَقِلَّةِ الْجَهَالَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْبَيْعُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ نَصِيبَ الْبَائِعِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ وَقِلَّةِ الشُّرَكَاءِ فَقَدْ يَقِلُّ نَصِيبُهُ مَعَ قِلَّةِ الشُّرَكَاءِ وَقَدْ يَكْثُرُ نَصِيبُهُ مَعَ كَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ فَلَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَالْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عِنْدَ كَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ جَهَالَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى وُجُوهٍ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ عِنْدَ قِلَّةِ الشُّرَكَاءِ؛ فَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: نَصِيبُ الْبَائِعِ النِّصْفُ وَالْبَائِعُ يَقُولُ نَصِيبِي مِنْ الدَّارِ الْعُشْرُ فَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ، وَشِرَاءُ أَحَدِ الْأَثْوَابِ الثَّلَاثِ مُسْتَحْسَنٌ مِنْ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ثُمَّ الْجَهَالَةُ هُنَاكَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي.

وَإِذَا خَتَمَ الرَّجُلُ عَلَى شِرَاءٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا لِلْبَيْعِ عِنْدَنَا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ تَسْلِيمٌ لِلْبَيْعِ وَبَيَانُ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا شَهِدَ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ فَكَتَبَ شَهَادَتَهُ وَخَتَمَهَا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ بَيِّنَتَهُ تَكُونُ مَقْبُولَةً عَلَى الْمُشْتَرِي عِنْدَنَا وَيُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الدَّارُ سَالِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ عَلَى أَصْلِهِ لَمَّا جُعِلَ السُّكُوتُ مِنْ الْمَالِكِ رِضًى بِالْبَيْعِ فَخَتْمُ الشَّهَادَةِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ رِضًا بِالْبَيْعِ، قَالَ كَتْبُهُ الشَّهَادَةَ لِلتَّوَثُّقِ وَهَذَا التَّوَثُّقُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا صَحَّ شِرَاؤُهُ فَيَجْعَلُ إقْدَامَ الشَّاهِدِ عَلَى ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِصِحَّةِ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي، وَلَكِنَّا نَقُولُ كَتْبُهُ الشَّهَادَةَ مُحْتَمَلٌ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَقَدْ يَكُونُ لِلتَّعَجُّبِ حَتَّى يَنْظُرَ كَيْفَ يَقْدِرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ مِلْكِهِ أَوْ تُحْمَلُ الشَّهَادَةِ عَلَى مَعْنَى التَّوَثُّقِ إذَا بَدَا لَهُ أَنْ يُجِيزَ الْمَبِيعَ أَوْ يَحْتَمِلَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ دَارُهُ فَلَعَلَّهُ ظَنَّ أَنَّ الْمَبِيعَ دَارٌ أُخْرَى حُدُودُهَا تُوَافِقُ حُدُودَ دَارِهِ وَبِالْمُحْتَمَلِ لَا يَزُولُ الْمِلْكُ فَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا مِنْهُ لِلْبَيْعِ.

وَإِذَا بِيعَ الرَّقِيقُ أَوْ الْمَتَاعُ فِي عَسْكَرِ الْخَوَارِجِ وَذَلِكَ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ غَلَبُوهُمْ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ عِنْدَنَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ جَائِزٌ وَإِنْ قَتَلَ الْخَوَارِجَ قَبْلَ أَنْ يَبِيعُوهُ وَهُوَ بِعَيْنِهِ رُدَّ عَلَى أَهْلِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015