ثُمَّ هَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ لِأَنَّ فِي هَذَا الشَّرْطِ حَيْلُولَةً بَيْنَ الْبَائِعِ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ النَّخِيلُ وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ وَفِيهِ يُعْتَبَرُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً بِشَرْطِ أَنْ يَطْحَنَهَا الْبَائِعُ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فَكَذَلِكَ هُنَا إذَا شَرَطَ التَّرْكَ إلَى مُدَّةٍ يَفْسُدُ بِهَا الْعَقْدُ.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِائَةَ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةٍ مِنْ أَذْرُعٍ مَقْسُومَةٍ أَوْ عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ مِنْ أَرْضٍ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ لَمْ يَجُزْ الشِّرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ جَائِزٌ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الْبُيُوعِ أَنَّ الذِّرَاعَ اسْمٌ لِجُزْءٍ شَائِعٍ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ السَّهْمِ إلَّا أَنَّ السَّهْمَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالْإِضَافَةِ فَسَهْمٌ مِنْ سَهْمَيْنِ النِّصْفُ وَسَهْمٌ مِنْ عَشَرَةٍ الْعُشْرُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْمًا وَالذِّرَاعُ مَعْلُومُ الْمِقْدَارِ فِي نَفْسِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ كَذَا كَذَا ذِرَاعًا وَالْجَرِيبُ كَذَلِكَ مَعْلُومُ الْمِقْدَارِ بِالذِّرَاعِ فَإِنْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ وَجُمْلَةُ الْأَرْضِ مِائَةُ جَرِيبٍ فَإِنَّمَا اشْتَرَى عُشْرَهَا وَذَلِكَ مُسْتَقِيمٌ.

وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى مِائَةَ ذِرَاعٍ فَإِذَا ذَرَعَ الْكُلَّ فَكَانَ أَلْفَ ذِرَاعٍ عَرَفْنَا أَنَّهُ اشْتَرَى عُشْرَهَا، وَالْمُكَسَّرَةُ الْمَعْرُوفَةُ مِنْ الذِّرَاعِ بَيْنَ النَّاسِ سُمِّيَتْ مُكَسَّرَةً لِأَنَّهَا كُسِرَتْ مِنْ ذِرَاعِ الْمِلْكِ قَبْضَةً وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ الذِّرَاعُ اسْمٌ لِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذِّرَاعُ فَإِذَا اشْتَرَى مِائَةَ ذِرَاعٍ أَوْ عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ فَإِنَّمَا سَمَّى فِي الْعَقْدِ جُزْءًا مُعَيَّنًا وَهُوَ عُشْرٌ مَعْلُومٌ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّ جَوَانِبَ الْأَرْضِ تَخْتَلِفُ فِي الْجَوْدَةِ وَالْمَالِيَّةِ فَتَتَمَكَّنُ الْمُنَازَعَةُ بِهَذَا السَّبَبِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي التَّسْلِيمِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَيْتًا مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ، ثُمَّ إذَا جَازَ الْعَقْدُ عِنْدَهُمْ فَإِنْ كَانَتْ مِائَةَ ذِرَاعٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ شَرِيكًا بِقَدْرِ مِائَةِ ذِرَاعٍ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ مِائَةِ ذِرَاعٍ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا إنْ شَاءَ لِتَغْيِيرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ سَمَّى جُمْلَةَ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ مِائَةِ ذِرَاعٍ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ إلَّا خَمْسُونَ ذِرَاعًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الثَّمَنِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى الْأَرْضَ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ فَوَجَدَهَا خَمْسِينَ ذِرَاعًا وَاخْتَارَ أَخْذَهَا لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ لِأَنَّ هُنَاكَ الثَّمَنُ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْنِ وَذُكِرَ الذِّرَاعُ عَلَى وَجْهِ بَيَانِ الصِّفَةِ وَهُنَا الثَّمَنُ بِمُقَابَلَةِ مَا سُمِّيَ مِنْ الذِّرَاعِ هُنَا لِبَيَانِ مِقْدَارِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نِصْفُ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً فَوَجَدَهَا خَمْسَةَ أَقْفِزَةٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يَجُوزُ عِتْقُ مَنْ قَدْ فَلَّسَهُ الْقَاضِي وَحَبَسَهُ فِي الدَّيْنِ، وَعِنْدَنَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015