وأقول: إن هذا البيت والذي قبله وهو قوله: الكامل

. . . . . . رؤ ... يَتُهُ المُنَى وهي المَقَامُ الهَائِلُ

تبين لما قبلهما من قوله: الكامل

. . . . . . فما لذيذٌ خالصٌ ... مما يَشُوبُ ولا سُرورٌ كَامِلُ

فجعل جود الممدوح كالوابل، فالطرق دون الوصول إليه ممطورة به، والسير في حال المطر كلفة ومشقة، ورؤيته منى الزائر، إلا أنها هائلة له، فما خلصت لذة المطر والسرور به ورؤية الممدوح والانتفاع بها من شوب يُنغصه. وأراد بذلك المبالغة، وهذا لا يدل على نقص في المدح، ولا نقص في الممدوح؛ ولكنه وصفه بصفتين فيه من اجتماع الجود والهيبة له، ولم يُرد أن إحداهما تنقص الأخرى؛ لأنه لو انفردت كل واحدة منهما لكانت له فضيلة، فكذلك إذا اجتمعتا. فشوب اللذيذ، ضرب له مثلا من جوده بتشبيهه بالوابل للسائر إليه وما يقاسي منه. وعدم كمال السرور، ضرب له مثلا برؤيته الحسنة النافعة، وهيبته الهائلة المانعة؛ إلا إنه أغرق وأسرف في البيت الذي يليه من قوله: الكامل

محجوبَةٌ بِسُرَادِقٍ من هَيْبَةٍ ... تَثْنِي الأزِمَّةَ والمَطِيُّ ذَوَاملُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015