قال: يقول: من فضح الجداية بحسنه، كفى فاضحا لمن أحبه، وكفى بمصرعي في حبه مصرعا؛ يريد إنه غاية في الحسن، وهو غاية في عشقه وحبه.
وأقول: إن هذا المعنى محتاج إلى زيادة ايضاح؛ وذلك إنه لما ذكر فيما قبل من البيتين زوال حيائه بكثرة بكائه وكثرة ما به من رنة، وله من دمع، قال بعد ذلك: كفى بمن فضح الجداية بالحسن أن يفضحني بالحب، فاعتذر لنفسه في ظهور حبه بزيادة حسن حبيبه فقال: إذا فضح الغزال بحسنه فجدير أن يفضح العاشق بحبه لأن حسنه أوفى حسن، ومصرعي في عشقه أوفى مصرع.
وقوله: الكامل
أَلِفَ المُروءةَ مُذْ نَشَا فكأنَّهُ ... سُقِيَ اللِّبَانَ بهَا صَبيّاً مُرْضَعَا
نُظِمَتْ مَوَاهِبُهُ عليهِ تَمائِماً ... فاعتادَهَا فإذا سَقَطْنَ تَفَزَّعَا
قال: من روى: (نُظمت) بضم النون فالمعنى أن هباته وما يفعله من الإعطاء جُعلت له كالتمائم التي تُعلق على من خاف شيئاً، فإذا سقطت عنه عاد الخوف؛
أي: إنه ألف العطاء واعتاده، حتى لو ترك ذلك بمنزلة من سقطت تمائمه.
ومن روى (نظمت) بفتح النون فقال ابن فورجة: إنما يعني ما حصّلت له المواهب من الحمد والثناء والمدح بالأشعار وأدعية الفقراء فهو إذا لم يسمع ما تعود أنكر ذلك وكان كمن ألقى تميمته فتفزّع.