قال: عطف لا في قوله: ولا جرحه يؤسى على لا في البيت قبله في ظاهر اللفظ، لا في المعنى لأن قوله: لا الكف لجة يريد أن فيها ما في اللجة وزيادة عليها، وكذلك ما بعده في هذا البيت.
وقوله: ولا جرحه يؤسى ليس يريد إنه يؤسى ويزاد عليه، فهو في هذا ينفي ما في اللفظ والمعنى، وفيما قبل مثبت في المعنى ما نفاه لفظا. والمعنى: جرحه أوسع من أن يُعالج.
وأقول: هذا الذي ذكره هو قول ابن جني وليس بشيء؛ وذلك إنه يمكن أن يتأول البيت الأول بما تؤول به البيت الثاني فيقال: كفه أكرم من أن تُشبه باللجة، وهو
أشجع من أن يُشبه بالضرغام كما قال: جرحه أوسع من أن يؤسى. على أن قوله أن معنى: لا الكف لجة أي فيها ما في اللجة وزيادة هو بمعنى أكرم من اللجة، لأن لفظة افعل تقتضي ذلك؛ فعلى هذا يكون الأول كالثاني نفيا في اللفظ والمعنى.
وقوله: الطويل
ولا يَشْتَهي يَبْقَى وتَفْنَى هِبَاتُهُ ... ولا يَسْلَمُ الأعداءُ منه ويَسْلَمُ
قال: يقول: لا يحب ان يبقى ولا عطاء له، وإنما يحب البقاء ليعطي، فإذا لم يكن له عطاء لم يحب البقاء، ولا يحب ان يسلم في نفسه مع سلامة الأعداء؛ أي إنه يحب أن يقتلهم وإن كان في ذلك هلاكه.