وقوله: الكامل

يَسْتَصْغِرُ الخَطَر العَظيمَ لوفدهِ ... ويَظُنُّ دِجْلَةَ ليس تَكْفي شَارِبَا

كَرَماً فَلَوْ حَدَّثْتَهُ عن نَفْسِهِ ... بِعَظِيمِ ما صَنَعَتْ لظَنَّكَ كاذِبَا

قال: يعني كرما يفعل ما ذكرت. ثم قال: فلو حدثته بعظيم ما صنعه لكذبك استعظاما له. وقد أساء في هذا، لأنه جعله يستعظم فعله، وبضده يُمدح، وإنما يحسن أن يستعظم غيره ما فعل كما قال أبو تمام: الطويل

تجاوزَ غاياتِ القلوبِ رَغَائِبٌ ... تكادُ بهَا لولاَ العَيَانُ تُكَذِّبُ

وقال البحتري: الكامل

وحديثِ مجدٍ عنكَ أفرَطَ حُسْنُهُ ... حَتَّى ظَنَنَّا إنه مَصْنُوعُ

وأقول: أن قوله: لو حدثته بعظيم ما صنعت لكذبك استعظاما له خطأ بل لكذبك استصغارا له وذلك إنه إذا أخبره بأنه قد فعل عظيما من الجود، ظن إنه يكذب لأنه:

يَسْتصْغِرُ الخَطَر الكبير لوَفْدِهِ ... . . . . . .

كما ذكر في البيت الذي قبله، فإذا كان كذلك وحدثه بأنه قد فعل عظيما ظنه كاذبا؛ لأنه أخبر بالشيء على خلاف ما عنده، وما هو ثابت في ذهنه من أن دجلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015