وقوله: المنسرح
النَّاسُ كالعَابدينَ آلِهَةً ... وعَبْدُهُ كالمُوَحِّدِ اللاَّها
قال: يقول: الناس الذين في طاعة غيره، كأنهم يعبدون آلهة مختلفة. وعبيده الذين يطيعونه، كأنهم الموحدون، وهذا كقوله: الطويل
ولَسْتَ مَلِيكاً هازِماً لِنَظِيرِهِ ... ولكنَّكَ التَّوْحيدُ للشِّرْكِ هَازِمُ
وذكر عن ابن جني وجها آخر، أي: عبده مقبل بالطاعة عليه، معرض بالرجاء إليه عمن سواه لإغنائه إياه عنه. وعبد غيره، يطلب من هذا تارة، ويرجو من هذا أخرى.
وأقول: المعنى هو الأول؛ أي: الناس الذين هم في دين غيره ضلال. والذين هم في دينه وطاعته مهتدون. وضرب لذلك مثلا بالشرك والتوحيد.
وأما تمثيله هذا البيت، بالبيت الذي ذكره، فغير صحيح. لأن في ذلك البيت إخبارا عن عظم سيف الدولة، وعظم عدوه ملك الروم؛ يقول: لست ملكا يهزم ملكا، وإنما أنت التوحيد يهزم الشرك. وهذا من قول النبي - صلى الله عليه - في علي - عليه السلام - وعمرو بن عبد ود: برز الإيمان كله، إلى الشرك كله!
ومعنى هذا البيت إن طاعتك توحيد، وطاعة غيرك شرك، فليس بينهما تماثل إلا باللفظ.