قال: أي جعلتك في قلب الجيش لي عُدة؛ لا تجعل في شمال الجيش، ولا في يمناه؛ إذ كان عميد الجيش إنما يكون في القلب.
قال: هذا وجه، ووجه آخر، وهو أجود، أن يريد الشاعر قلب نفسه؛ أي: جعلتك
عدتي بقلبي؛ لأنك أجل من أن تجعل باليد؛ لأنها إنما تصرف فيما صغر من الأشياء، والقلب يتسع في الضمير، حتى يضم ما لا يدرك.
وأقول: الوجه الصحيح، هو الثاني إلا إنه لم يعبر عنه بعبارة حسنة، وكان الجيد أن يقول: أنك يا سيف الدولة، لست بمنزلة السيوف التي يعتد بها في اليد من الحديد! أنت أعظم وأشرف من ذلك؛ إنما يعتد بك في القلب بصدق الولاء والمحبة.
وقوله: البسيط
أشكو النَّوَى ولَهُمْ من عَبْرَتي عَجَبٌ ... كذَاكَ كانَتْ وما أشكو سوى الكِلَلِ
قال: يقول: أشكو النوى، وأصحابي يتعجبون من عبرتي، وليس ينبغي أن يتعجبوا لذلك؛ لأنها كانت على ما شاهدوه، والذي أحب قريب، ليس بيني وبينه سوى الكلل.