قال: قد وصفت العرب ضنّهم بالماء إذا قلّ، وإنه لا يسمح به الكريم كما فعل كعب بن مامة. وقد زعم الفرزدق إنه منّ على رفيق له بحظّه من الماء لمّا اقتسموه، وأنشد: (الطويل)

فلمّا تصافنّا الأداوة أجهشت ... إليّ غضون العنبريّ الجراضم

فجاء بجلمود له مثل رأسه ... ليشرب ماء القوم بين الصّرائم

على حالة لو أن في القوم حاتما ... على جوده ضنّت به نفس حاتم

وأقول: إن الفرزدق لم يؤثر بحظّه من الماء، وقد ذكر ذلك أبو العباس المبرّد في الكامل وقال: إنه صاحب رجلا من بلعنبر، فقلّ عليهم الماء، فتصافنوه، فسأم العنبريّ الفرزدق أن يؤثره بحظّه من الماء، وكان جوادا، فلم تطب نفسه عن نفسه، وأنشد الأبيات وفيها دليل على ما قلت.

(انتهى)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015