رفدهم والتنغيص لا يجتمعان، فيسهل أحدهما على
الآخر، ولكنّ التنغيص يجيء ولا رفد معه فهذا لا يصحّ إلا إذا عطف على قوله:
رأيتكم لا يصون العرض جاركم. . . . . . . . .
كأنّه قال: ولا تغضبون على من نال رفدكم، حتى تحصل المعاقبة بينه وبين التّنغيص والمنن، ولكنه وجه خفيّ، ومع الخفاء، بعيد.
وقوله: (البسيط)
فغادر الهجر ما بيني وبينكم ... يهماء تكذب فيها العين والأذن
قال: تكذب فيها العين والاذن، لأنها بعيدة الارجاء، فالعين لا تتبيّن فيها الشّخص على الحقيقة، وكذلك الأذن، ليس سمعها في هذه المقفرة بالصّحيح.
وأقول: إنه أراد بكذب العين، إنها ترى السّراب فتظنّه ماء، وكذب الأذن إنها تسمع دويّها فتظنه شيئا من خارج، كقول ذي الرّمّة: (الطويل)
إذا قال حادينا ليسمع نبأة: ... صه، لم تكن إلا دويّ المسامع