قال: ادّعى أن الممدوح خوّله الكلام الذي يمدحه به، فلمّا مدحه بالكلام الذي وهبه له، جازاه عنه بأن خوّله نوالا من غير الكلام.
وأقول: ينبغي أن يزاد على هذا فيقال: مفهوم هذا البيت: أني أمدح سيف الدولة بكلام فصيح، ملكته من كلامه، ويجعل ما ملكته من عطائه جزاء عليه، وذلك على خلاف العادة، لأن الجزاء للشّاعر إنما يكون على ما يأتي من كلام نفسه لا كلام غيره، وقد لطف هذا المعنى، وهو من قول أبي تمّام: (المنسرح)
. . . . . . . . . نأخذ من ماله ومن ادبه
وقوله: (البسيط)
لو كلّت الخيل حتّى لا تحمّله ... تحمّلته إلى أعدائه الهمم
قال: يقول: لو أن الخيل كلّت حتى لم تستطع حمله إلى الاعداء، لحملته إليهم الهمم، وليس هذا المعنى مستحيلا استحالة غيره، لأن كثيرا من النّاس يقصد عدوّه وليس بالرّاكب، كانت جماعة من العرب تغير على أرجلها، كالشّنفرى وتأبّط شرّا والسّليك ابن السّلكة.
وأقول: أن قوله وليس هذا المعنى مستحيلا كاستحالة غيره غير صحيح