وأقول: أن قوله هذا فيه عيب لقول أبي الطيب وتخطئه له، وهو كما قال: (الوافر)
وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السّقيم
وقوله: إن هذا، مبالغة تخرج إلى غير الحقّ، لأن رحيل الضّيف منفعة له.
فيقال: إنما كانت هذه المبالغة غير حقّ لو إنه أمسك الضّيف وأجبره على المقام،
ومنعه من الرّحيل الذي له فيه منفعة، وبه مصلحة كما ذكر، وأبو الطيب لم يتعرّض لشيء من ذلك، وإنما أخبر وبالغ أن هذا الممدوح إذا نزل به ضيف ورحل عنه حزن عليه، فكأنّه رزئ من ماله أو ولده، لأنه يسرّ بمقامه عنده، كثيرا كان المقام أو قليلا، مجتازا كان الضّيف أو متمهّلا.
وقوله: (البسيط)
يروعهم منه دهر صرفه أبدا ... مجاهر، وصروف الدّهر تغتال
قال: جعل الممدوح دهرا يغول الأعداء جهارا. وصروف الدّهر تغتال، أي: تجيئهم هم لا يعلمون، وهذا يطرقهم وهم يعلمون.
وأقول: هذا قول أبي الطيب بعينه! ما فسّره بل كرّره! وتفسير هذا البيت هو تعليله، وهو أن يقال: إنما يجاهر الأعداء ولا يختالهم لعظم شجاعته، وفرط إقدامه، وكثرة