وأقول: لم يرد القوّة، وانّ اصطناعه زاد عليه بها، وإنما هذا أخبار من الشّاعر، عن حالتين اجتمعتا له، من كونه حاملا محمولا، فيهما، كلتيهما، ثناء على
الممدوح، أي: أنا حامل للشّكر، محمول بالإحسان. والواو في قوله: واصطناعك حاملي واو الحال، فقد اجتمع في حالة إنه حامل محمول، وفي هذا إغراب في المعنى، وإتقان للصناعة.
وقوله: (الكامل)
فمتى أقوم بشكر ما حمّلته ... والقول فيك علوّ قدر القائل
قال: يقول: متى أقوم بشكر ما أوليت من الجميل وإذا شكرتك، فإنّما أرفع قدري بذلك.
وأقول: هكذا قال أبو الطّيب، وتفسيره غير ذلك!
والمعنى: إنه قد علم واستقرّ أن شكر المنعم جزاء انعامه، وإنما كان جزاء لما فيه له من حسن الذكر، وعلوّ القدر، فكأنّ المنعم عليه جازى، بقوله الجميل، فعل المنعم بالجميل، فكسبه فخرا بشكره، ومجدا بذكره. وهذا الممدوح، قد كمل كمالا ارتفع به عن شكر من يزيده فيه، فالشّاكر له والذّاكر لا يرفع من قدره،
وإنما يرفع من قدر نفسه