قال: ادّعى أن الممدوح أعدى بسخائه الزّمان، فسخا به على البشر، وإنما حمله على السّخاء إنه أعداه، ولولا ذلك لكان بخيلا به.
وأقول: أن هذا التّفسير يقتضي النهاية في الإغراق، وذلك أن الشيء المعدي لغيره لا بد أن يكون موجودا معه، وقريبا منه. وهذا لمّا أعدى الزمان بالسّخاء فسخا به على البشر كان معدوما، لأنه لا يكون له جود وهو موجود. فهذا في الإغراق والاحالة، أكثر من قول أبي نواس: (الكامل)
وأخفت أهل الشّرك حتى إنه ... لتخافك النّطف التي لن تخلق
وقوله: (الكامل)
حتى الذي في الرّحم لم يك نطفة ... لفؤاده في جوفه خفقان
(وفيه معنى اقرب من هذا قد ذكرته).
وقوله: (الكامل)
ومحلّ قائمه يسيل مواهبا ... لو كنّ سيلا ما وجدن مسيلا
قال: زعم أن ما يسيل من كفّ هذا الرّجل، لو كان سيلا لم يصب موضعا يسيل فيه.