قال: لم يزاحف أبو الطّيب زحافا تنكره الغريزة، إلا في هذا الموضع! ولا ريب إنه قاله على البديهة، ولو أن لي حكما في البيت لجعلت لوّله:

كم من نجيع. . . . . . . . . . . .

لأنّ ربّ تدلّ على القلّة، وإنما يجب أن يصف كثرة سفك دماء الأعداء. ويحسّن ذلك أن ربّ جاءت في النّصف الثاني، وهي ضدّ كم.

وأقول: أن قوله: لم يزاحف زحافا تنكره الغريزة، إلا في هذا الموضع إنما كان ذلك لأنّ مستفعلنّ جاء مطويّا فثقل واضطرب بحذف رابعه السّاكن، واجتماع ثلاثة متحركات، ولو خبن فجاء على مفاعلن لم تنكره الغريزة، لأنه صار على وتدين مجموعين اتّزنا. وقد جاء ذلك كثيرا في شعره كقوله: (البسيط)

أظبية الوحش لولا ظبية الأنس ... لما غدوت بجدّ في الهوى تعس

فجاء الخبن في الجزء الأول والجزء الخامس، ولم يتبيّن فيه النّقص، إلا إنه حسّن من زحافه - أعني: ربّ نجيع - إنه جاء هاهنا أولا لم يتقدّمه أجزاء خالفها، فأشبه الخرم الواقع في أول حرف من أول جزء في البيت.

وأمّا وضعه كم موضع ربّ، وقوله أن كم للكثرة وربّ للقلة، وإنه يجب أن يصفه بكثرة سفكه دماء الأعداء، فيقال: أن ربّ قد تستعمل أيضاً للكثرة، وقد جاء ذلك في نحو قول الأعشى: (الخفيف)

ربّ رفد هرقته ذلك اليو ... م وأسرى من معشر أقتال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015