وأقول: إن العرب إذا وصفت الرجل بالبياض، مادحة له، لم ترد اللون على الحقيقة، وإنما تكني به عن وضوح شرف الممدوح وبيانه. وقد فسر قول حسان: (الكامل)

بِيضُ الوُجُوهِ كَرِيمَةٌ أَحْسَابُهُمْ ... شُمُّ الأنُوفِ من الطَّرازِ الأوَّلِ

على ذلك، فكنى عن ظهور شرفهم وبيانه ببياض وجوههم. وقيل: إنه كنى في النصف الثاني عن إبائهم وحميتهم بشمم أنوفهم، ذلك لتناسب الصفتين في النصفين. وفسر بيت زهير أيضا على ذلك، وهو أشبه بكلام العرب.

وقوله: (البسيط)

وكُلَّما لَقِي الدَّينَارُ صاحِبَهُ ... في مِلْكِهِ افْتَرقَا من قَبْلِ يَصطْحِبا

قال: قوله: افترقا من قبل يصطحبا مع قوله: وكلما لقي الدينار صاحبه صحيح المعنى على ما في ظاهر لفظه من مقارنة التناقض، وذلك أنه يمكن أن يقع التقاء من غير اصطحاب ومواصلة، لأن الصحبة مقرونة بالمواصلة؛ يقول: فإنما يلتقيان مجتازين لا مصطحبين.

وأقول: إنه لم ينفصل من التناقض؛ وذلك أنه اثبت الصحبة بقوله: لقي الدينار صاحبه في ملكه، ثم قال: افترقا من قبل يصطحبا فنفى المصاحبة، فالمناقضة باقية بحالها وإنما كانت المناقضة إذا قدر اسم الفاعل الذي هو صاحبه عاملا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015