فيقال له: هذا يضاد التفسير الذي فسرته قبل من أن مكرمات عضد الدولة اذمت لعيني؛ أي عقدت لها عقدا يؤمنها من النظر إلى أولئك؛ أي: قصرها على عضد الدولة فلا تنظر إلى غيره؛ لأن هذا العقد قد انفسخ، ويوافق التفسير الذي فسرته.
وكذلك قوله: الوافر
وأيًّا شئتِ يا طُرُقي فكوني ... أذاةً أو نَجَاةً أو هَلاكَا
قال: هذا كلام ضجر يقول لطريقه: كوني كيف شئت؛ فأني لا أبالي، وإن كان الهلاك في سلوكك.
وأقول: هذا كلام مناقض، كأنه لا يعلم قبل ما ذكره ففسره هذا بما فسره!
وكلام المتنبي هذا كلام معجب بنفسه، مدل بماله، متهور في مقالة، وأثق بما في يده، معتمد عليه غير معتمد على الله في الوقاية له، والمدافعة عنه، ولهذا قال فيما بعد: الوافر
فلو سِرْنَا وفي تِشْرِينَ خَمْسٌ ... رَأوْني قَبْلَ أنْ يَرَوُا السِّمَاكَا
لأنه لم يستثن مشيئة الله، فحل به ما كان يخشاه، وحال الهلاك دون الآل!
قال الواحدي في تفسير هذا البيت: هذا كلام فيه حذف وتقديم وتأخير، تقديره: فلو سرنا في تشرين وقد مضت منه خمس، وإذا أخل الحذف بالكلام ولم يظهر المعنى لم يجز، والسماك يطلع لخمس خلون من تشرين الأول، وهذا مبالغة في ذكر سرعة السير والرجوع إلى اهله؛ يقول: لو أخذن في السير واخذ السماك في الطلوع لسبقته