وقوله: الوافر
أتَتْرُكني وعينُ الشَّمسِ نَعْلي ... فتقطَعُ مِشْيَتي فيها الشِّراكَا
قال: يقول: إذا كنت بحضرتك كنت من الرفعة كمن انتعل عين الشمس، وإذا ارتحلت عنك قطع مشيتي شراك تلك النعل، فيزول عني سبب الرفعة.
وقوله: أتتركني معناه: أأتركك، وهو استفهام إنكار؛ أي: لا أتركك، ولكن من تركته فقد تركك فقلب الكلام كما قال الآخر: البسيط
. . . . . . ... كأنَّما أسْلَمَتْ وَحْشِيَّةٌ وَهَقَا
والوهق يسلم الوحشية.
وأقول: لو اقتصر على التفسير الأول قبل تفسيره: أتتركني لكان قريبا من الصواب!
وأما قوله: أتتركني بمعنى أأتركك، وإن هذا من المقلوب فليس كما قال، لأن ذلك إنما يكون عند الضرورة لتصحيح المعنى. واللفظة إذا حملت على وجهها من غير قلب وصحَّ بها المعنى لم تحتج إلى القلب.
وقوله: أتتركني: أي: أتجعلني في منزلة عالية، عين الشمس فيها نعلي، ويقطع مشيتي فيها الشراكا؛ أي: لا أخسر رب هذه النعمة، ولا التمتع بها والمحافظة عليها بطلب فراقي لك ورحيلي عنك، فضرب ذلك مثلا لسوء رأيه وفعله!