لو جَذَبَ الزَّرَّادُ من أذْيالي
مُخَيِّراً لي صَنْعَتَيْ سِرْبَالِ
ما سُمْتُهُ سَرْدَ سوى سِرْوَال
قال: يقول: إذا اخبرني الزراد، فكنى بجذب الذيل عن الأخبار، لأنه ربما يجذب ثوب الإنسان إذا أريد إخباره بشيء. يخيرني بين صنعتي سربال - أي: درع من السابغة والبدن - لم اختر إحداهما. وإنما اختار السروال؛ يشير إلى أن سيفه درعه وهو يحمي به بدنه، وإنما حاجته أن يحصن عورته، وهذه طريقة المتنبي يترفع عن معاشرة النساء كبرا وتعففا.
وأقول: أن تفسيره الجذب بالإخبار، وما ذكره من إنه ربما جذب ثوب الإنسان، إذا أريد إخباره بشيء، ليس بشيء! وهذا الذي ذكره من مفهوم العوام وفعل
الجهال، وإنما يريد بجذب الزراد أذيال ثوبه عليه عند تقدير الطول والقصر في سرد السربال؛ يعني الدرع، يقول: لو جذب الزراد من ذيل ثوبي عليَّ مقدرا لي صنعتي سربال طويلة أو قصيرة لم اخترهما، ولا سمته إلا سرد سروال من حديد تحصن فرجي، وكنى بذلك عن عفته.
وقوله: تحصن عورته، وهو قول ابن جني، قول قبيح وهو مع ذلك صحيح!