وقوله: الخفيف
هَلْ لعُذْري إلى الهُمامِ أبي الفَضْ ... لِ قبولٌ سَوادُ عَيْني مِدَادُهْ
قال: قال ابن جني: أني رضيت أن يجعل المداد، الذي يكتب به، قبول عذري، سواد عيني حبا له وتقربا منه. هذا كلامه! وليس على ما قال؛ لأن المراد قبول العذر لا أن يكتب الممدوح. والمعنى إنه يقول: هل يقبل عذري؟ أو: هل عنده قبول لعذري؟ ثم قال:
. . . . . . ... . . . . . . سواد عَيْني مِدَادُهْ
على طريق الدعاء، كأنه قال: جعل الله مداده سواد عيني؛ يعني إنه إن استمد من سواد عيني لم أبخل عليه. وإنما قال هذا لأنه كاتب حاسب يحتاج إلى المداد. والكناية في مداده يعود إلى أبي الفضل، وعلى ما قال ابن جني يعود إلى العذر وليس بشيء.
وأقول: الوجه الذي ذكره ابن جني أحسن في المعنى واقرب إلى الصواب، وقد تصحف على الشيخ الواحدي يكتب؛ فعل ما لم يسم فاعله ب: يكتب فجعله
للممدوح وقال: المراد قبول العذر لا أن يكتب الممدوح، ولم يرد ابن جني ذلك وإنما قال: يقول: رضيت أن يجعل المداد الذي يكتب به قبول عذري سواد عيني؛ يعني إذا كتبت اعتذر إليه من تقصيري في مدحه، وعجزي عن إحاطة وصفه. وهذا المعنى على هذا الوجه هو الحسن، والذي ذكره من قوله:
. . . . . . ... . . . . . . سواد عَيْني مِدَادُهْ
أنه دعاء، ليس بحسن؛ لأنه منفصل عن الأول غير متعلق به فلا يحسن أن يكون من تمامه.