أي: لمثل هذه الخطة والحالة الصعبة، خُلقت الإبل الكرام؛ يعني: للنجاء عليها، ومفارقة الذل بها، وهذا دليل على ما قلته، وأنه أراد بالضمير في تدبره نفسه لا ابن سيده. ولو نظر الواحدي إلى البيت الثاني وما بعده وتدبره، لم يفسر الأول على ما فسره. وما رأيته، مع حذقه، يتفقد هذه المواضع التي هي أصل التفسير، ليأمن التناقض والاختلاف، بل وقع في كثير منها.
وقوله: الطويل
لَقَدْ كنتُ الغَدْرَ عن تُوسِ طَيِّىءٍ ... فلا تَعْذُلاني رُبَّ صِدْقٍ مُكَذَّبِ
قال: يقول: كنت أقول أن طيئا لا تغدر، ولم تكن آباؤهم غدارين فلا تعذلاني إن غدر هذا لأنه ليس من الأصل الذي يدعي من طيئ.
وقوله:
. . . . . . ... . . . . . . ربَّ صِدْقٍ مُكَذَّبِ
أي: رب صدق يكذبه الناس، يعني: كنت صادقا في نفي الغدر عن طيئ، وإن كذبني الناس لأجل وردان بادعائه إنه من طيئ، ويريد إنه صادق أن وردان ليس من طيئ. ولم يعرف ابن جني هذا فقال: رجع عن نفي الغدر عنهم، وليس في البيت ما يدل على رجوعه عن نفي الغدر.