الأول، وإن حطه بجذبه وإكراهه على النزول فليس بشيء، لأن الأول اسهل وابلغ، وجعل حامله مفعولا بدلا من كل تأكيد لطويل الرمح إنه حامله، واحتراز
من ان يكون غير حامله، فحطه مع ذلك أبلغ.
وقوله: البسيط
ولا يَرُوعُ بمَغْدورٍ به أَحَداً ... ولا يُفَزِّعُ مَوْفُوراً بِمَنْكُوبِ
قال: أي لا يغدر بأحد من أصحابه ليروع به غيره، ولا ينكب أحدا بظلم وأخذ مال ليفزع به موفورا، وهو الذي لم يؤخذ ماله أي إنه حسن السيرة.
وأقول: لم يكن كافور عند أبي الطيب ولا عند غيره بهذه الصفة، وإنما مدحه بذلك ليلزمه به خوفا على نفسه وماله منه، كما بالغ في مديح عضد الدولة بحفظ الطرق وأمن السبل بقوله: الوافر
أُرُوضُ النَّاسِ من تُرْبٍ وخَوْفٍ ... وأرْضٍ أبي شُجاعٍ في أمَانِ
وما بعده في ذلك، وهي خمسة أبيات1، والصحيح إنها اربعة، وذلك حذق منه وفطانة به ليؤكده عنده، ويزيده محافظة عليه، وكل ذلك خوفا على نفسه، وإشفاقا على ماله، لما رأى من خشونة تلك البلاد، ووعورة تلك الجبال، ومع ذلك فلم ينج حذر من قدر، والذي خاف منه وقع فيه!