أي: قاتلوا الملوك وأوقدوا على رؤوسهم نار الحرب.

وأقول: لم يرد نار الحرب، وإنما أراد نار الحطب؛ أي: جعلت رؤوس الملوك أثافي القدور، موضع الأثافي من الحجارة؛ يصف عز العرب به وقهرهم وغلبهم من سواهم من الملوك حتى فعلوا بهم ذلك.

وقوله: البسيط

ولَّى صوارِمَهُ إكْذَابَ قولِهِمُ ... فهنَّ ألسِنَةٌ أفواهُهَا القِمَمُ

قال: ولى سيف الدولة سيوفه أن تكذبهم فيما قالوا من الصبر على القتال، فكذبتهم بقطع رؤوسهم، وجعلها كالألسنة تعبر عن تكذيبهم، وأمّا جعلها ألسنة جعل رؤوسهم كالأفواه لأنها تتحرك في تلك الرؤوس.

وأقول: إن كان أراد الرؤوس تبريتها عن الأجسام فلا يحسن التشبيه بأن تجعل أفواها للسيوف التي هي كالألسنة. وإن كان أراد بالقطع الشق فيها والتفليق منها فذلك أحسن، لأن بذلك تصير كالأفواه وهي فيها كالألسن، فلا يصلح التمثيل

وتكمل الاستعارة وتتحرك، كما ذكر في تلك الرؤوس، إلا على هذا التقدير، وهذا موضع لا يتنبه له إلا من نزع إلى هذه الصناعة بعرق وضرب فيها بقدح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015