وأقول: إن هذه البلدة - أعني ميافارقين - هي لسيف الدولة، وكذلك الخيل التي ذكرها، اجتازت بها قاصدة غزو غيرها من بلاد العدو فمالت عنها، فجعل أبو الطيب أنها مالت عنها، كما ذكر أولا، رحمة لها ورقة عليها أن لو دنت منها لزاحمتها، فكان يزدحم سوراها؛ بناؤها وخيل سيف الدولة. وجعل الخيل سورا لها
ثانيا لأنها أيضاً تحفظها وهي أقوى من سور البناء، فكان حينئذ تبين القوة في سور الخيل والضعف في سور البناء، وإنما ذكر هذا على وجه المبالغة في قوة الخيل، ولا يدل ذلك على ضعف بناء سورها كما توسمه ابن جني فروى إنه سقط في تلك الليلة!
وقوله: المتقارب
أيَنْفَعُ في الخَيْمَةِ العُذَّلُ ... وتَشْمَلُ مَنْ دَهْرَهَا يَشْمَلُ
قال في جملة شرح هذا البيت: إن إضافة الدهر إلى الخيمة غير مستحسن ولو قال:
. . . . . . ... . . . . . . مَنْ دَهْرَهُ يَشْمَلُ
لكان أحسن: ومعنى شمل الشيء: أحاط به؛ يقول: أتحيط الخيمة بمن أحاط بالدهر؛ يعني: علم كل شيء، فلا يحدث الدهر شيئا لم يعلمه، ومن كان المحل لا يعلوه شيء ولا يحيط به شيء.
فيقال له: بل إضافة الدهر إلى الخيمة، كما قال أبو الطيب، أولى من إضافته إلى سيف الدولة وأبلغ في المعنى وأصنع في اللفظ وهذا كما يقال: أتحيط هذه الدار بزيد