وواجب ثالث مقدس من واجبات العاملين في مجال الدعوة الإسلامية هو صيانة الحقائق الدينية والمفاهيم الإسلامية من التحريف، وإخضاعها للتصورات العصرية الغربية، أو المصطلحات السياسية والاقتصادية التي نشأت في أجواء خاصة، وبيئات مختلفة ولها خلفيات وعوامل وتاريخ، وهي خاضعة دائما للتطور والتغيير، فيجب أن نغار على هذه الحقائق الدينية والمصطلحات الإسلامية غيرتنا على المقدسات وعلى الأعراض والكرامات بل أكثر منها وأشد، لأنها حصون الإسلام المنيعة وحماه وشعائره، وإخضاعها للتصورات الحديثة وتفسيرها بالمصطلحات الأجنبية إساءة إليها لا إحسان، وإضعاف لها لا تقوية وتعريض للخطر لا حصانة ونزول بها إلى المستوى الواطي المنخفض لا رفع لشأنها كما يتصور كثير من الناس، فإذا قلنا الحج مؤتمر إسلامي عالمي، لم ننصف الحج ولم ننصف لمن نخاطبه ونريد أن نفهمه حقيقة الحج وروحه ولما شرع له ولم ننصح لكليهما، وإن روح الحج وسر تشريعه غير ما يعقد له المؤتمرات صباح مساء، ولو كان الحج مؤتمراً إسلامياً عالميا لكان له شأن ونظام غير هذا النظام، وجو غير هذا الجو، ولكان النداء له مقصور على طبقات مثقفة واعية فقط وعلى قادة الرأي وزعماء المسلمين1.

كذلك حقيقة العبادة وحقيقة الصلاة، وحقيقة الزكاة والصوم، فلا يجوز العبث بهذه المصطلحات والتجني عليها، وإخضاعها للفلسفات الجديدة، وتفسيرها بالشيء الذي لا ثقة به ولا قرار له، وقد استخدمت هذه)) الإستراتيجية الدعائية ((الباطنية في القرن الخامس الهجري فما بعده ففسروا المصطلحات الدينية بما شأوا وشأت أهوائهم ومصالحهم وتفننوا فيه، وأتوا بالعجب العجاب، وحققوا به غرضهم من إزالة الثقة بهذه الكلمات المتواترة التي هي أسوار الشريعة الإسلامية وحصونها، وشعائرها، ونشر الفوضى في المجتمع الإسلامي، والجماهير المسلمة، وإذا فقدت هذه الكلمات التي توارثت فهمها الأجيال المسلمة وتواتر في المسلمين وأصبح فيها مساغ لكل داع إلى نحلة جديدة، ورأي شاذ، وقول طريف، فقد أصبحت قلعة الإسلام مفتوحة لكل مهاجم ولكل منافق، وزالت الثقة بالقرآن والحديث واللغة العربية، وجاز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015