سياق هذا التمهيد والتوطئة، فما كان لي أن أتقدم عليه بعد وفاته رحمه الله، حيث إن الله قدر وفاته أن يسطر كلمات مقدمة هذا المصنف.
في هذا المصنف يختتم الوالد - رحمه الله - حياته كما بدأها في شبابه وطوال سني عمره مهمومًا بتحقيق غاية جلَّيلة لطالما شغلته وملأت عليه تفكيره، تلك الغاية التي تهتم بتقرير معاني الإيمان بالله في نفوس الناس، وربطهم بالخالق عزَّ وجلَّ، لقد أخذت هذه الغاية حيزًا كبيرًا من عقل الشيخ - رحمه الله - وتبدى ذلك جلَّيًا في خطبه ومواعظه ودروسه، أيضًا تجد هذا الاهتمام أكبر عند الشيخ - رحمه الله - عند استقرائك لمؤلفاته التي اعتنت بأصول الإيمان والاعتقاد، والتي بحمد الله بها طلبة العلم من مختلف الأقطار.
يرى الشيخ - رحمه الله - أن العناية بتعريف الناس بخالقهم عزَّ وجلَّ من أعظم الغايات، بل هي الأساس الذي قامت عليه دعوات المرسلين، وعليه كانت أعظم النصوص القرآنية والنبوية هي التي تتحدث عن الله رب العالمين، وكانت أعظم النعم أن الله هدانا إليه وعرَّفنا به عليه، فعرَّفناه بنور وحيه، وهذا معنى قول من قال من أهل العلم: "عرفت ربي بربي، لولا ربي ما عرفت ربي"، أي أن الله عرَّفنا بنفسه من خلال حديثه عن نفسه في كتابه، ولولا هذا الوحي ما رعفنا الله سبحانه وتعالى.
لقد انتهج الشيخ - رحمه الله - طريقة واضحة ومرسومة في جميع مؤلفاته، فكان يدور مع القرآن والسنة حيثما دارا. وكان يقدمهما على سائر أقوال البشر، ويمكنك أن ترى هذا المنهج جلَّيًّا في بيانه لمعاني الإيمان بالله والتعريف به. وفي