وانا لا أريد أن أقول هنا إنني أومن بالله بسبب عجزي في الوقت الحاضر عن إدراك سبب ظاهر الحركة في البروتوبلازم أو غيرها من الظواهر، وأنا أعلم أن كثيراً من الناس يستخدمون هذا الأسلوب من أساليب المنطق ويقولون إذا كانت العلوم عاجزة عن التفسير فلابد من التسليم بوجود الله، ولكنني أرفض هذا المنطق رفضاً باتاً وأقول إنه حتى عندما نكتشف الحقائق ويزول عنا ذلك الغموض يوماً من الأيام ونصير قادرين على فهم الخلية الحية بصورة أفضل، فإننا لا نفعل أكثر من أن نتبع ونتدبر ما صنعه ودبره خالق ومدبر أكبر، وهو الذي جعل هذا البروتوبلازم يتحرك في بادئ الأمر وهو الذي يجعله يتحرك ويؤدي كل وظائفه.
لقد وضعت نظريات عديدة، لكي تفسر لنا كيف نشأت الحياة من عالم الجمادات، فذهب بعض الباحثين إلى ان الحياة قد نشأت من البورتوجين أو من الفيروس أو من تجمع بعض الجزيئات البروتينية الكبيرة. وقد يخيل إلى بعض الناس أن هذه النظريات قد سدت الفجوة التي تفصل بين عالم الأحياء وعالم الجمادات. ولكن الواقع الذي ينبغي أن نسلم به هو أن جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من غير الحية، قد باءت بخذلان وفشل ذريعين.
ومع ذلك فإن من ينكر وجود الله لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على أن مجرد تجمع بعض الذرات والجزيئات عن طرق المصادفة، يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة وصيانتها وتوجيهها بالصورة التي شاهدناها في الخلايا الحية. وللشخص مطلق الحرية في أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة، فهذا شأنه وحده. ولكنه إذ يفعل ذلك فإنما يسلم بأمر أشد إعجاز وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود الله الذي خلق هذه الأشياء ودبرها.
إنني أعتقد أن كل خلية من الخلايا الحية قد بلغت من التعقيد درجة يصعب علينا فهمها، وان، ملايين من الخلايا الحية الموجودة على سطح الأرض تشهد بقدرته شاهدة تقوم على الفكر والمنطق، ولذلك فإنني أومن بوجود الله إيماناً راسخاً.