الحديث عن الساعات فقد توصل الإنسان إلى صناعة ساعات بالغة الدقة والروعة، يستطيع بعضها أن يمتلىء بطرقة آلية عند ما يحرك الإنسان يده التي تحمل الساعة. ولا يمكن أن يتصور العقل البشري أن آلة دقيقة كالساعة قد وجدت بمحض المصادفة، دون الاستعانة بالعقل المفكر واليد الماهرة، أو أن تلك الساعة الأوتوماتيكية التي تدور من تلقاء نفسها قد صنعت نفسها أو أخذت تتحرك دون ان يبدأ أحد في تحريكها فإنه يستحيل علينا أن نفسر كل ذلك ما لم نسلم، عن طرق العقل والمنطق، أو وراء كل ذلك عقلاً وتدبيراً. هذا العقل وهذا التدبير وتلك القوة التي تعجز عنها المادة العاجزة عن التفكير والتدبير ليست إلا من مظاهر قوة الله وحكمته وتدبيره.
حقيقة أن هنالك بعض القوى والمؤثرات الخارجية الموجودة في البيئة والتي تؤثر في حركة الجبلة داخل الخلايا، فبعض الباحثين يشير إلى درجة الحرارة، وربما الضوء أو الضغط الأسموزي، أو غير ذلك من المؤثرات التي تؤثر فعلاً في حركة البروتوبلازم دائبة لا تنقطع، حتى عندما يزول أثر جميع هذه المؤثرات. ومعنى ذلك أن جانباً على الأقل من أسباب هذه الظاهرة يرجع إلى الجبلة ذاتها. فمن المحال إذن أن نفسر ظواهر الحياة على أنها مجرد استجابات لبعض المؤثرات الخارجية.
وبهذه المناسبة نحن نعلم أنه عندما نشطر خلية حية إلى نصفين بطريقة التشريح الدقيق بحيث تكون النواة في أحد القسمين دون الآخر، فإن القسم الخالي من النواة يموت بعد قليل. وقد أخفقت جميع الجهود التي بذلت للاحتفاظ بها حيا. وعلى ذلك فإن النواة هي التي تنظم العمليات الحيوية في الخلية وتسيطر عليها، فإذا زال هذا الإشراف توقفت الحياة. وهكذا نرى أن خالق هذا الكون ومنظمه يعتبر ضرورياً لخلق الخلية والإنسان، بل لخلق العقول المفكرة التي تبحث عن الحقيقة وعن السبب الأول.