ولابد لهم أن يسلموا بفكرة الخالق الذي وضع قوانين هذا الكون، لان هذه القوانين ذاتها مخلوقة، وليس من المعقول ان يكون هنالك خلق دون خالق: هو الله. وما ان أوجد الله مادة هذا الكون والقوانين التي تخضع لها حتى سخرها جميعا لاستمرار عملية الخلق عن طريق التطور.

إنني واثق ان كلمة التطور قد أسيء فهمها في كثير من الدوائر حتى صار مجرد النطق بها يثير التعجب. وإنني أفهم ما يعنيه هؤلاء الأصدقاء، بل أتفق معهم في ان التطور المقصود هنا هو التطور المادي أو الميكانيكي الذي ينبغي ان نفرق بينه وبين التطور الخلقي او الإبداعي كل التفرقة. ولو ان جميع المشتغلين بالعلوم نظروا إلى ما تعطيهم العلوم من أدلة على وجود الخالق بنفس روح الأمانة والبعد عن التحيز الذي ينظرون به إلى نتائج بحوثهم، ولو أنهم حرروا عقولهم من سلطان التأثر بعواطفهم وانفعالاتهم، فانهم سوف يسلمون دون شك بوجود الله، وهذا هو الحل الوحيد الذي يفسر الحقائق. فدراسة العلوم بعقل متفتح سوف تقودنا بدون شك إلى إدراك وجود السبب الأول الذي هو الله (?) .

ولقد من الخالق على جيلنا وبارك جهودنا العلمية بكشف كثير من الأمور حول الطبيعة، وصار من الواجب على كل انسان، سواء أكان من المشتغلين بالعلوم او من غير المشتغلين بها، ان يستفيد من هذه الكشوف العلمية في تدعيم إيمانه بالله.

وكما ينبغي ان يتدبر العالم المتفتح العقل وجود الله ويسلم به، فان غير المشتغل بالعلوم ينبغي له ان يفحص هو ايضا هذه الأدلة ويدرك ان التطور الإبداعي هو وسيلة الخالق في خلقه، وأن الله هو الذي أبدع هذا الكون بقدرته وسن قوانينه الطبيعية، فالخلق الإبداعي هو التفسير الوحيد الذي يوضح لنا سر هذا الوجود ويوفق بين ظواهره المختلفة التي يبسطها لنا كتاب الطبيعة التي نقرأ صفحاتها في جميع العلوم المختلفة من علم التصوير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015