فيزيائية ملموسة. وعلى ذلك فان العلوم تقوم على أساس فلسفي. والخبرة الشخصية في العلوم كما في الفلسفة والدين هي المحك النهائي والملاذ الأخير الذي تختبر به جميع الحقائق في العلوم كما في الفلسفة والدين. وبرغم انه لابد ان تكون الحقائق والنظريات التي يصل اليها رجال العلوم قابلة للاختبار والتحقيق على أيدي غيرهم من العلماء فان ادراكنا الشخصي للظواهر الطبيعية يعتبر أمراً نسبيا ويتوقف على ظروف خاصة بنا.
ومع ذلك فان هذه الحدود والقيود لا تهون من شأن الطريقة العلمية ولا من قيمة النتائج التي نصل اليها باستخدامها، ولكنها توجه الجهود وتقيد النتائج. ومن ذلك ندرك عجز العلوم عجزا كليا من ان تعالج المشكلات التي تبعد عن التحليل أو التركيب الكمي.
فلننتقل الان إلى السؤال الذي يدور حول وجود الله، وهو بطبيعة الحال من الاسئلة التي لا نستطيع العلوم بقيودها السابقة ودائرتها المادية الضيقة أن تعالجها. ولكنه اذا كان هنالك تأثير من العالم الروحي على العالم المادي، فان هذا التأثير يدخل في دائرة العلوم الطبيعية. ولا بد من قبول اية طريقة سليمة نستطيع ان تعالج هذه المشكلة، ومن ذلك طريقة الاستدلال المنطقي التي تقوم على تفسير النتائج بنظائرها أو مثيلاتها، وهي الطريقة التي أشرنا اليها من قبل.
وتعالج العلوم كثيرا من الظواهر الطبيعية التي تحدث في هذا الكون، وبرغم ان العلوم لا تؤيد وجود عالم غير مادي تاييدا كاملا، فانها لا تستطيع ان تنفي بصورة قاطعة وجود عوالم اخرى غير مادية وراء العالم المادي. ونستطيع بطريقة الاستدلال والقياس بقدرة الإنسان وذكائه، في عالم يفيض بالأمور العقلية، ان نصل إلى وجوب وجود قوة مسيطرة مدبرة تدبر هذا الكون وتدبر أموره وتعيننا على فهم ما يغمض علينا من أمر منحنيات التوزيع، ودورة الماء في الطبيعة، ودورة ثاني أوكسيد الكربون فيها، وعمليات التكاثر العجيبة، وعمليات التمثيل الضوئي ذات الاهمية البالغة في اختزان الطاقة الشمسية وما لها من أهمية بالغة في حياة