وفي الله. حقيقة ان رجل العلوم يستخدم فكرة الآلية بوصفها احدى وسائله أو أدواته. فهو يتكلم مثلا عن آلية الجسم، ولكنه يجري بحوثه على أساس مبدأ السببية، مبدأ السبب والنتيجة، على أساس وحدة الكون وما يسوده من القانون والنظام. وهو كأي انسان آخر يتخذ كل قرار ويفكر في كل أمر على أساس الإيمان بمبدأ السببية) .
(ففي علم وظائف الأعضاء، عندما يدرس الانسان النمو والتكوين والصيانة واصلاح الجسم، يجد ان كل خلية من خلايا الجسم – دون استثناء – (تعرف) الدور الذي تلعبه في سبيل تحقيق سلامة الجسم كله. ففي الجهاز العصبي تتسم الأفعال العكسية البسيطة بالغرضية كصفة من صفاتها الأساسية. فاذا ما أنعمنا النظر والدراسة فاننا واصلون حتما إلى الاستعدادات الموروثة في تكوين العقل قد ركبت بحي انه عندما يتأثر هذا العقل بالخبرات الحسية تأثرا كافيا يصل حتما إلى مبدأ السببية. وبعبارة اخرى فان الجهاز المسؤول عن التصرفات الغرضية في سائر الكائنات يزداد تخصصه زيادة مستمرة حتى يصير قادرا على المعرفة التمييزية او الشعور. ويتم ذلك نتيجة لتفاعل الخبرات الحسية مع العقل) ؟
(وبازدياد قدرة الانسان على التمييز الادراكي تنشأ لديه حاسة ترتيب الأشياء تبعا لأسبقيتها السببية، او يصير قادرا على رد الأشياء إلى أسبابها الأولى، فاذا بدأنا بالطبيعة الغرضية التي تظهر في الخلايا المفردة وتتبعنا ما يطرأ عليها من التطور حتى تصير مدركة للبيئة التي تحيط بها، فاننا نستطيع ان نتوقع ظهور القدرة على الحكم واستخدام قانون السببية الذي وصل الانسان باستخدامه إلى مزيد من السيطرة على البيئة) ؟
(ففي علم وظائف الاعضاء تدل خياشيم الأسماك على أسبقية الماء، كما تدل اجنحة الطيور ورئات الانسان على أسبقية الهواء، وتدل أعين الانسان على أسبقية الضوء، كما يدل حب الاستطلاع العلمي على أسبقية الوقائع، وكما تدل الحياة على أسبقية القانون الطبيعي اللازم لنشأتها. وانني أتساءل الان: أفلا يدل التدبر العميق والتفكير الصافي