إن العلماء قد لا يستطيعون أن يتفقوا على تعريف واحد للطريقة العلمية، ولكنهم متفقون جميعاً على أن العلوم تستهدف كشف قوانين الطبيعة. ولابد للمشتغل بالعلوم أن يسلم أولاً بوجود هذه القوانين حتى لا يكون متناقضاً مع نفسه. وقد أصبح من المحال أن ينكر أحد وجود هذه القوانين بعد اكتشف الإنسان الكثير منها في ضمن ميادين البحث ومن الطبيعي أن يتساءل الإنسان بعد كل ذلك: لماذا وجدت هذه القوانين؟ ولماذا قامت بين الأشياء المختلفة، ومن بينها التربة والنبات، تلك العلاقات العديدة التي تتسم بذلك التوافق الرائع بين القوانين مما يؤدي إلى تحقيق النفع والفائدة؟

إننا نعترف بأننا – وقد وصلنا إلى هذا الحد من التفكير - قد اقتربنا من الحد الفاصل بين العلوم والفلسفة. فكيف نفسر كل ذلك النظام والإبداع الذي يسود هذا الكون؟ هنالك حلان: فاما أن يكون هذا النظام قد حدث بمحض المصادفة، وهو مالا يتفق مع المنطق أو الخبرة، ومالا يتفق في الوقت نفسه مع قوانين الديناميكا الحرارية التي يأخذ بها الحديثون من رجال العلوم. وإما أن يكون هذا النظام قد وضع بعد تفكير وتدبر، وهو الرأي الذي يقبله العقل والمنطق. وهكذا نرى أن العلاقة بين النبات والتربة تشير إلى حكمة الخالق وتدل على بديع تدبيره.

وأنا واثق أن الأخذ بهذا الرأي سوف يثير انتقاد المعارضين لهذا الاتجاه ممن لا يؤمنون بوجود الحكمة أو الغرض وراء ظواهر الطبيعة وقوانينها، ومعظم هولاء ممن يأخذون بالتفسيرات الميكانيكية ويظنون أن النظريات التي يصلون إليها في تفسير ظواهر الكون تمثل الحقيقة بعينها ولكن هنالك من المسوغات ما يدعوا إلى الاعتقاد أن ما وصلنا إليه من التفسيرات والنظريات العلمية ليس إلا تفسيرات مؤقتة، وليست لها صفة الإطلاق أو الثبات، فإذا ما سلمنا بهذا الرأي تضاءل خطر المعارضين في غرضية الكون أو وجود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015