للذوبان وكذلك المواد الفسفورية قد وجدت بكميات أكبر مما توجد عليه الآن. أما بالنسبة للنيتروجين فإن الوضع يختلف، فالنباتات تحتاج إلى قدر كبير من المواد النيتروجينية، ومع ذلك فإن قدرة التربة القديمة على الاحتفاظ بهذه المواد كانت ضعيفة. فكيف كانت النباتات الأولى تحصل إذن على حاجاتها من النيتروجين؟
هنالك شواهد تدل على أن الصخور النارية التي لم تتأثر بعوامل التفتت تحتوي على قدرة من النتروجين النشادري. ومن الممكن أن تكون النباتات الأولى قد استفادت من هذا المصدر. ولكن هنالك مصادر أخرى غير ذلك، هنالك البرق مثلاً، وقد يظن كثير من الناس ان البرق ليس اكثر من وسيلة من وسائل التدمير، ولكن التفريغ الكهربائي الناتج عن البرق يؤدي إلى تكوين أكاسيد النيتروجين التي يهبط بها المطر أو الثلج إلى التربة ويستفيد منها النبات. وتقدر كمية النيتروجين التي تحصل عليها التربة بهذه الطريقة في صورة نيترات بما يقرب من خمسة أرطال للفدان الواحد سنوياً، وهو ما يعادل ثلاثين رطلاً من نترات الصوديوم، وهذه كمية تكفي لبدء نمو النباتات.
ويلاحظ أن كمية النيتروجين الذي يثبته البرق تكون في المناطق الاستوائية أكثر منها في المناطق الرطبة، وهذه بدورها تزيد على الكمية التي تتكون في المناطق الصحراوية. ومن ذلك نرى أن النتروجين يوزع على المناطق الجغرافية المختلفة بصورة متفاوتة تبعاً لمدى احتياج كل منطقة منها لهذا العنصر الهام. فمن الذي دبر كل ذلك؟ إنه المدبر الأعظم.
وعندما نتحدث عن المدبر الأعظم، هل من الممكن أن نستدل بما بين النباتات والتربة من علاقات متشابكة وتوافق عجيب متشابكة وتوافق عجيب على وجود تدبير وغرض واضح في الطبيعة؟ إننا لا نستطيع أن نجيب على هذا السؤال دون أن نتدبر مقتضياته بالنسبة لدائرة العلوم كلها.