ولكن هذا النكاح لا بد له من شروط نذكر أهمها: أهمها: رضا كل من الزوج والزوجة، فلا يصح النكاح إلا برضا الزوجين، لا يصح النكاح مع إجبار أحدهما، فلو أن الرجل أجبر ولده على أن يتزوج بنت عمه الذي هو أخو أبيه وقال: لا بد أن تتزوج فإن لم تفعل فسأقاطعك أو سأحبسك أو سأقتلك، لأنه قد تصل الحال إلى القتل -والعياذ بالله- فإذا تزوج الرجل بهذا الإكراه فنكاحه غير صحيح؛ ولهذا يجب على المسلم أن يراعي هذه الحقيقة، وألا يجبر ابنه على أن يتزوج بنت عمه، بل يجعل الخيار له إن شاء تزوج وإن شاء لم يتزوج.
كذلك لا يجوز إكراه البنت أن تتزوج من لا تريده حتى لو كانت بنته، لو كانت ابنته حرم عليه أن يجبرها أن تتزوج من لا تريد التزوج به، فإن فعل وأجبر ابنته على أن يزوجها من لا تريد التزوج به فالنكاح غير صحيح، هو الآن قد سلط هذا الرجل على أن يزني بابنته -والعياذ بالله- لأن النكاح غير صحيح، فإجباره ابنته على أن تتزوج هذا الرجل يعني إجباره إياها على أن يطأها هذا الرجل بغير موجب شرعي، والمسألة خطيرة! ضد ذلك من يمنع أن يتزوج ابنه بامرأة، كما يوجد ممن عندهم أنفة وكبرياء؛ فلا يمكن أن يتزوج ابنه بمن دونهم سواء في النسب أو في الغنى أو فيما يقال: خضيري وقبيلي، تجد الولد يريد أن يتزوج بهذه المرأة لأنها أعجبته في جمالها وخلقها ودينها ويقول أبوه: لا، لا تتزوج.
هذه ما هي من قبيلة فلان، ليست من قبيلتنا، أو نحن أشراف من ذرية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهم ليسوا أشرافاً -سبحان الله! - أو يقول: نحن قبايل وأولئك غير قبايل (خضيريين) من قال هذا؟ لا يحل للإنسان أن يمنع ابنه أن يتزوج امرأة يريدها إلا أن تكون كافرة من غير اليهود والنصارى فله أن يمنعها؛ لأن نكاح الكفار حرام إلا اليهود والنصارى فيجوز للمسلم أن يتزوج من نسائهم.
كذلك -أيضاً- من الناس من يمنع ابنته أن يزوجها بخاطب كفء، خاطب مستقيم في دينه وخلقه والبنت تريده ويقول: لا، إما لأغراض شخصية بينه وبين الرجل، أو لأغراض نفسية أو غير ذلك، يمنع ابنته أن يزوجها ممن خطبها وهو كفء وهذا حرام عليه، ويعتبر خيانة للأمانة، قال أهل العلم: ومن تكرر منه ذلك صار فاسقاً من الفاسقين، وسقطت ولايته، وانتقلت الولاية إلى من بعده.
هذا كلام العلماء رحمهم الله، كتبهم بين أيدينا، يعني: لو يخطب من الرجل ابنته، تخطب ابنته، والخاطب كفء في دينه وخلقه ويأبى، ويأتي آخر مثله ويأبى، ويأتي ثالث ويأبى قلنا: الآن اجلس في حبسك، لا ولاية لك؛ لأنك الآن فاسق، من يزوجها؟ أقرب الناس إليها، بعد أبيها مثلاً يزوجها أخوها، يزوجها عمها، لكن إذا أبت القرابة أن تزوج إما احتراماً لأبيها، وإما خوفاً من المشاكل فمن يزوجها؟ يزوجها القاضي، ترفع القضية إلى القاضي وهو يزوجها غصباً على أبيها وأخيها وعمها، لأن الحق في النكاح للمرأة، الحق لها.
هذا من أهم الشروط، الرضا من الزوج أو من الزوجة؟ من الاثنين جميعاً، لا بد أن يرضى الزوج والزوجة، فبدون رضا لا يصح.