الدارج فهو بقدر ما يختلف عن الاستخدام الأدبي غير صحيح نحويا أو وضيع أو حتى غير منطقي، وقد حدث تقدم كبير في القرن التاسع عشر في إطار بحث التطور التاريخي للغات، فقد أدرك العلماء بشكل أكثر وضوحا من ذي قبل أن التغييرات في لغة النصوص المكتوبة في مراحل مختلفة -تغييرات مثل التي تمت عبر القرون لتحول اللغة اللاتينية إلى اللغات الفرنسية أو الإيطالية أو الإسبانية- يمكن على سبيل المثال أن تتضح من خلالها التغييرات التي حدثت في اللغة المنطوقة الناظرة للغة النصوص المكتوبة، واستمرارية اللغة الواحدة عبر الزمن وفي المكان الواحد غامض إلى حد بعيد في النصوص المكتوبة في الزمن الماضي والتي جاءتنا عبر الاتجاه المحافظ لتقاليد النساخ في ثقافات عديدة كما جاءتنا عبر الاستخدام المستمر في فترات زمنية طويلة في الوثائق الدينية والقانونية وفي الأدب بأسلوب الكتابة العتيق إلى حد بعيد، وكل اللغات الأدبية العظمى في العالم أخذت -في النهاية- من اللغة المنطوقة لجماعات معينة، وأكثر من ذلك فإنه من قبيل المصادفة التاريخية أن يكون استخدام منطقة أو طبقة اجتماعية أساسا لتطور اللغة الأدبية المشتركة في مجتمعات بعينها، ونتيجة لذلك ينظر الآن للهجات المناطق الأخرى أو الطبقات الاجتماعية الأخرى على أنها كما تكون عادة أقل مرتبة أو دون مستوى اللغة المشتركة أو على أنها أشكال مختلفة للغة، وهو ما يشكل دعامة للانحياز التقليدي في تفضيل اللغة المشتركة في شكلها المكتوب لدرجة تجعل من العسير على اللغوي أن يقنع غير المتخصصين بحقيقة أن اللهجات غير المشتركة -بصفة عامة- ليست أقل نظاما أو اطرادا من اللغات الأدبية المشتركة، وأن لتلك اللهجات معايير الصواب الخاصة بها الكامنة في استخدام متكلميها الأصليين، وأول المهام التي تواجه دارسي علم اللغة، وأكثرها صعوبة أن يكتسبوا القدرة على أخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015