العبارة: بعض عناصر المقام الأخرى

والله أنا رأيي كذا يقولها من له نفوذ على المنصوح

أحسن شيء تعمل كذا نصح بعد استشارة

والناس يقولوا عنك إيه نصح وتأنيب

وبعد فقد رأينا هذه النماذج العشر لغايات الآداء, ورأينا أن هذه الغايات ليست إلّا جزءًا من أجزاء المقام, وأن الأجزاء الأخرى من المقام يمكن جمعها من الظروف المحيطة بالمقال من متكلم وسامع أو سامعين واعتبارات اجتماعية وتاريخية وجغرافية وهلم جرا, وإن الذي ذكرناه تحت عنوان: "بعض عناصر المقام الأخرى" لم يكن فعلًا إلّا بعضًا من هذه العناصر, أما جمع كل العناصر فلا يتم إلّا مع التحليل الدقيق للظروف.

ويتضح لنا بهذا أن الثقافة الشعبية تشتمل على نماذج محددة من غايات الأداء التي تصلح كل غاية منها لأن تكون نقطة بداية لتحليل المقام, ولعل البلاغيين العرب حين تكلموا عن "مقتضى الحال" كانوا يقصدون شيئًا قريبًا مما أطلقنا عليه هنا "غاية الأداء", ومن هنا يكون مقتضى الحال كما نفهمه جزءًا من المقام في فهمنا أيضًا وليس المقام كله. على أنه لا يمكن لنا أن ندعي مع هذا أن الثقافة الشعبية هي حاصل جمع طائفة عظيمة من المقامات. إن فهم الثقافة الشعبية بهذ الصورة خطأ فاحش؛ لأن الثقافة الشعبية مكمن العناصر التي تتكون منها المقامات حين ينضم بعض هذه العناصر إلى بعض, وإن الإمكانات العقلية التي تأتي من تأليف هذه العناصر بعضها مع بعض لا يمكن حصرها أبدًا, ومن ثَمَّ لا يمكن حصر المقامات الممكنة في ثقافة شعبية ما, والأمر الوحيد الذي يمكن الكلام فيه بشيء من الضبط هو نماذج المقامات وليس المقامات نفسها.

وكما أن للنبر نظامًا في إطار النظام الصرفي تصيبه الظواهر الموقعية في مجرى السياق الكلامي, وكما أن للتنغيم نظامًا في إطار النظام النحوي يخضع لمطالب السياق حين يرد فيه, وقد شرحنا ذلك من قبل, فكذلك غايات الأداء يصبح لكل غاية منها عبارات معيارية خاصة من الناحية النظرية, ولكن مطالب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015