قليل عندما ذكرنا القرائن المختلفة التي أعانتنا على إعراب "ضرب زيد عمرًا" حيث رأينا أن العلامة الإعرابية ليست أكثر من واحدة من قرائن كثيرة يتوقف عليها فهم الإعراب الصحيح, بل لقد عرفنا أيضًا أن الإسناد نفسه قرينة من القرائن المعنوية, فيعتبر هو نفسه كالضمة صاحب دلالة معنية على الإعراب الصحيح.
ولعل أذكى محاولة لتفسير العلاقات السياقية في تاريخ التراث العربي إلى الآن هي ما ذهب إليه عبد القاهر الجرجاني صاحب مصطلح "التعليق", وقد كتب دراسته الجادة في كتابه "دلائل الإعجاز" تحت عنوان "النظم", ولكن عبد القاهر أورد في هذه الدراسة أربعة مصطلحات هي:
1- النظم.
2- البناء.
3- الترتيب.
4- التعليق.
فأما "النظم" فقد جعله عبد القاهر للمعاني، أي: إن النظم في معناه عند عبد القاهر هو تصور العلاقات النحوية بين الأبواب؛ كتصور علاقة الإسناد بين المسند إليه والمسند, وتصور علاقة التعدية بين الفعل والمفعول به, وتصوّر علاقة السببية بين الفعل والمفعول لأجله, وهلمَّ جرَّا. يقول عبد القاهر1: "وإذ قد عرفت أن مدار أمر النظم على معاني النحو وعلى الوجوه والفروق التي من شأنها أن تكون فيه, فاعلم أن الوجوه والفروق كثيرة ليس لها غاية تقف عندها, ونهاية لا نجد لها ازديادًا بعدها.
ثم اعلم أن ليست المزية بواجبة لها في نفسها, ومن حيث هي علي الإطلاق, ولكن تعرض بسبب المعاني والأغراض التي يوضع لها الكلام, ثم بحسب موقع بعضها من بعض, واستعمال بعضها مع بعض", ثم يقول2: "واعلم أنه وإن كانت الصورة في الذي أعدنا وأبدأنا فيه من أنه لا معنى للنظم