الكتابة والقدر SORT لا ينفصلان عند كثير من الشعوب؛ فالكتابة عند الكلتيين والجرمانيين من عالم "الغيب" "بالقوطية RUNصلى الله عليه وسلم", وهي ضرب من ممارسة السحر1, وقطعة الخشب التي تحفر عليها الحروف كانت تستخدم في نفس الوقت للأذى السحري, وظل المعنيان مختلطين حتى أيامنا هذه في مفردات الأرلنديين والبريتانيين, وكما أن كلمة رضي الله عنهuchstabe "ومعناها الحرفي: عصا من الزان" تدل على "الحرف" في الألمانية، فإن كلمة crann-chur "قذف الخشب" معناها "القدر" في الإيرلندية، وكذلك كلمة coel-bren "حرفيا: خشب النبوءة" في الغالية2.
وحتى بعد أن تجردت الكتابة من كل صفة سحرية، ظلت محاطة بهالة من الخوف والاحترام. ذلك أن الناس قد احتفظوا بما للنص المكتوب من خرافة, وقد استغل الدين والقانون هذه العاطفة ليفرضا على أذهاننا النص المكتوب الذي لا يعتريه تحويل أو تبديل والحرف الذي يتحدى ما يقتضيه العقل, ونرانا لا نزال نكرر: "هذا مكتوب" أو "لقد كان ذلك مكتوبا" كما لو كنا نشاطر الشرقيين عقليتهم التي تتصور المقدور مسجلا في كتاب كبير تطوى منه في كل يوم صفحة، هذا على أن أهمية النص المكتوب شيء طبيعي, إذ إن المكتوب يبقى، على حين تتبدد الألفاظ. والكلمة إذا سجلت عندما تخرج من بين حواجز الأسنان، استقرت إلى الأبد كأنها وثيقة إثبات، وبعد كل هذا فإن الإنسان يؤخذ "بما كتب". فالكتابة بعد أن لم تصبح رباطا سحريا، قد بقيت رباطا على كل حال.
وهكذا نرى أن الاستعمال يتفق مع التقاليد في تأكيد اختلاف اللغة المكتوبة عن اللغة المتكلمة. والواقع أنهما لا يختلطان أبدا. ومن الخطأ أن تظن أن النص المكتوب يعتبر تمثيلا دقيقا للكلام. فلسنا على عكس ما يتصور كثير