على أنه لا يوجد حد فاصل بين العامية الخاصة وبين اللغة التي يتكلمها جميع الناس. فكم من ألفاظ تعد من أنبل الكلمات وأوغلها في الروح الأدبية، قد استعيرت من العامية الخاصة! من ذلك كلمة tete "رأس" بالنسبة لكلمة caput, وإذا انتزعت tete من عرشها يوما لتحل محلها bobine أو fiole، كان ذلك انتصارا جديدا تسطره العامية الخاصة في قائمة انتصاراتها. فتسمية الرأس باسم إناء من الآنية أمر طبيعي وقع في لغات أخرى، ولا سيما في الجرمانية، حيث تشترك كلمة kopf "رأس" مع الكلمة اللاتينية cupa في أصل واحد، والاسكندناوية اشتقت kollr "رأس" من Kolla "إناء". وأسماء أجزاء الجسم كثيرا ما تبعث على استعمال استعارات من هذا القبيل، وإن لم تكن كلها في ذلك سواء. فاسم "القدم" مثلا قد بقي واحدا لا يتغير في كثير من اللغات، ولكن اسم السيد تجدد أكثر من مرة، واستعيض في الدلالة عليها بأسماء تدل على الكلابة والملقط والملعقة، إلخ1. ويرجع ذلك إلى أن اليد تستخدم في أمور أكثر تنوعا من القدم، وخاصة في أمور تبعث هي نفسها على التجديد في التعبيرية. فلفكرة الأخذ مثلا عبارات عديدة في كل اللغات.
فكرة "التكلم" أيضا" تختلف بدورها باختلاف العواطف التي تثيرها2. والأفعال التي معناها "تكلم" تبلى بسرعة. فها نحن أولاء في سبيل إحلال causer محل parler "يتكلم". والفعل parler نفسه دخيل متأخر على اللاتينية "parabolare"؛ أما الفعل القديم loqui فقد مات منها، وهذا الفعل loqui نفسه كان تجديدا في اللاتينية "أو الإيطالية الكلتية" في معنى "يتكلم" العام. واللغات الكلتية الحديثة الأساسية الثلاث تستعمل للتعبير عن هذه الفكرة ثلاثة أفعال مختلفة هي: labhraim في الإرلندية وsiarad في الغالية وkomps في البريتانية، ويقال في الإنجليزية speak وفي الألمانية sprechen وفي القوطية