والنديم الكريم والكاعب الحس؟ ... ناء تهتز في سميط الوشاح
ومن شعره أيضاً رمل مجزوء
... ... ... ... ... كل مضفور الذؤابه
أنا للناس إمام ... غير أني ذو صبابه
مروان بن محمد الجعدي آخر ملوك بني أمية كتب إلى عامل له أهدى إليه غلاماً أسود فقال: لو علمت عدداً أقل من الواحد ولوناً شراً من الأسود لأهديته والسلام.
وكتب إليه: أنا وإياك كالحجر والزجاج، إن وقع عليها رضها، وإن وقعت عليه فضها.
نصر بن سيار والي خراسان، من ظريف كلامه: كل شيء يبدو صغيراً ويكبر إلا المصيبة تبدو كبيرة وتصغر. وكل شيء يرخص إذا كثر إلا الأدب فإنه إذا كثر كان أغلى.
الليث بن نصر بن سيار والي خراسان دفع إليه وكيله أربعين درهماً في جلاء مرآة، فضحك وقال: لو صدئت عين الشمس لم يبلغ جلاؤها أربعين درهماً.
أبو العباس السفاح أول ملوك بني العباس، من ظريف كلامه: التغافل عن ذنوب الناس وعيوبهم من أخلاق الكرام، والتهاون بمفاضحتهم من أخلاق اللئام.
وكان يقول: إذا عظمت القدرة قلت الشهوة.
وكان يوماً مشرفاً على صحن داره ينظرها ومعه امرأته أم سلمة فعبثت بخاتمها فسقط من يدها إلى الدار، فألقى السفاح أيضاً خاتمه، فقالت يا أمير المؤمنين ما أردت بهذا؟ قال: خشيت أن يستوحش خاتمك فآنسته بخاتمي غيرة عليه لانفراده.
أبو جعفر المنصور رحمه الله، رفع إليه رجل قصة في شكاية بعض عماله فوقع: اكفني أمر هذا وإلا كفيت أمرك والسلام.
وقال له بعض الهاشميين: إني صرورة. قال: فاحجج. قال: ليس لي نفقة. قال: ليس عليك حج! فقال: يا أمير المؤمنين إنما جئتك مستجدياً لا مستفتياً. فأمر له بعشرة آلاف درهم.
المهدي، ماتت له جارية فاشتد جزعه عليها، فكتب إليه أبوه المنصور: أتطمع أن أوليك أمر الأمة وهذا جزعك على أمة؟ فكتب إليه: يا أمير المؤمنين لم أجزع على قيمتها بل على موافقتها.
واستأذنه سلم بن قتيبة ليقبل يده فأبى، فقال: يا أمير المؤمنين، يدك أحق يد بالتقبيل لعلوها في المكارم وطهورها من المآثم. فقال: يا بن قتيبة إنا نصونك عنها ونصونها عن غيرك!.
هارون الرشيد رحمه الله تعالى أراد سفراً فقال جعفر بن يحيى: تثقل المؤنة يا أمير المؤمنين. فقال: ومتى خفت مؤنتنا؟ فبلغ ذلك ملك الروم فقال: والله هذا من كلام الملوك.
وكان يقرأ في المصحف فانتهى إلى قوله تعالى: " ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون " فقال: لعنه الله ما كان أوضعه، ادعى الربوبية بملك مصر! لأولينها أخس عبيدي، فولاها الخصيب. وفيه يقول أبو نواس سريع:
أنت الخصيب وهذه مصر ... فتدافعا فكلاكما بحر
وكتب إليه نقفور ملك الروم يهدده، فكتب إليه توقيعاً: الجواب ما تراه لا ما تقراه.
جعفر بن سيلمان الهاشمي كان يقول: الطيب لسان المروءة.
وكان يقول: في الطيب أربع خصال: السنة والمروءة واللذة والقوة.
معن بن زائدة تعرض إليه رجل فقال: احملني أيها الأمير فقال: أعطوه جملاً وفرساً وبغلاً وحماراً وجارية وقال: لو علمت أن الله تعالى خلق مركوباً سوى ما ذكرناه لأمرنا لك به. فحكي هذا الحديث للمعلى بن أيوب فقال: رحم الله معناً، لو كان يعلم أن الغلام يركب لأمر له به، ولكنه كان عربياً محضاً لم يتدنس بقاذورات العجم!.
ولما مدح أبو القاسم الزعفراني الصاحب بقصيدته التي يقول فيها متقارب:
يا من عطاياه تعطي الغنى ... إلى راحتي من نأى أو دنا
كسوت المقيمين والزائرين ... كسى لم يخل مثلها ممكنا
وحاشية الدار يمشون في ... صنوف من البر إلا أنا
حكي للصاحب خبر معن فقال: اخلعوا عليه جبة وقميصاً ودراعة وعمامة وسراويل وفرجية ومنديلاً وطيلسانا وجورباً وقال: لو علمنا كسوة سوى هذه لأمرنا له بها. فامتثل أمره وراح الزعفراني وعليه بعضها، وبعضها في مناديل تحملها غلمانه.
محمد الأمين بن الرشيد أصبح ذات يوم وهو يسمع أصوات المحاصرين من ناحية، وأصوات جيشه ساعين في طلب الأرزاق من أخرى فقال: لعن الله الفريقين أما أحدهما فيطلب دمي، وأما الآخر فيطلب مالي. فقال بعض أصحابه: ما أظرف أمير المؤمنين في السراء والضراء!.