ومن حده الإمام أو عزره فمات فدمه هدرٌ، وإذا حد المسلم في القذف سقطت شهادته، وإن تاب، وإن حد الكافر في القذف ثم أسلم قبلت شهادته، والله أعلم.
- إذا سرق العاقل البالغ عشرة دراهم، أو ما قيمته عشرة دراهم، مضروبةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ومن حده الإمام أو عزره فمات) منه (فدمه هدر) لأنه فعل ما فعل بأمر الشرع، وفعل المأمور لا يتقيد بشرط السلامة كالفصاد والبزاغ، بخلاف الزوج إذا عزر زوجته، لأنه مطلق فيه والإطرقات تتقيد بشرط السلامة كالمرور في الطريق، هداية.
(وإذا حد المسلم في القذف سقطت شهادته وإن تاب) لقوله تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} والاستثناء في الآية عائد إلى ما يليه، وتمامه في الهداية في الشهادات (وإن حد الكافر في القذف ثم أسلم قبلت شهادته) لأن هذه الشهادة استفادها بعد الإسلام فلم تدخل تحت الرد، بخلاف العبد إذا حد حد القذف، ثم أعتق لا تقبل شهادته، لأنه لا شهادة له أصلا في حال الرق، فكان رد شهادته بعد العتق من تمام حده، هداية.
كتاب السرقة
وهي في اللغة: أخذ الشيء من الغير على الخفية والاستسرار، ومنه استراق السمع، وقد زيدت عليه أوصاف في الشريعة على ما يأتيك بيانه، هداية.
(إذا سرق البالغ العاقل) الناطق البصير (عشرة دراهم) حيادا (أو ما) أي شيئا مما لا يتسارع إليه الفساد (قيمته عشرة دراهم) سواء كانت الدراهم (مضروبة أو غير مضروبة من حرز) وهو ما يمنع وصول يد الغير، سواء كان بناء أو حافظا (لا شبهة فيه) ولا تأويل، بمرة واحدة، اتحد المالك أم تعدد (وجب عليه القطع) ، والأصل فيه قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} الآية، ولا يد من اعتبار العقل والبلوغ، لأن القطع جزاء الجناية، وهي لا تتحقق بدونهما. قيدنا بالنطق لأن الأخرس لا يقطع؛ لاحتمال نطقه بشبهة، وبالبصير لأن الأعمى لا يقطع للشبهة وبالاشتباه عليه، وقيد بعشرة دراهم لأن النص الوارد في حق السرقة مجمل في حق القيمة، وقد ورد في السنة بيانه في الجملة بثمن لمجن، وقال أصحابنا: المجن الذي قطعت فيه اليد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يساوي عشرة دراهم، وعمم في الدراهم بقوله (مضروبة أو غير مضروبة) وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، ولكن ظاهر الرواية يشترط المضروب، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وهو الأصح؛ لأن اسم الدرهم يطلق على المضروب عرفا، وظاهر كلام الهداية يدل على أن عبارة المصنف مقيدة بالمضروبة حيث قال: وقد تأيد ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم (لا قطع إلا في دينار أو عشرة دراهم) واسم الدراهم يطلق على المضروبة، فهذا يبين لك اشتراط المضروب كما قال في الكتاب، وهو ظاهر الرواية وهو الأصح رعاية لكمال الجناية، حتى لو سرق عشرة تبراً قيمتها أنقص من عشرة مضروبة لا يجب القطع، اهـ. وتبعه في هذا الكمال في الفتح قائلا: كما ذكره القدوري، لكن في غاية البيان بعد نقله كلام الهداية: وهذا صحيح، لكن في نقله عن القدوري نظر، لأن الشيخ أبا نصر الأقطع ذكر في الشرح - وهو تلميذ القدوري - رواية المختصر، ولم يقيد بالمضروبة؛ بل أثبت الرواية بقوله (مضروبة أو غير مضروبة) ثم قال: أما قول صاحب الكتاب (عشرة دراهم مضروبة