وحِفظُ من حَفِظَ عنه مقدم على هذا الإنكار, ولعل أبا الزبير كان يتردد, فمرة يذكرها ومرة ينفيها، وأجابوا أيضاً بإجابة أخرى فقالوا: إن ابن جريج كان يصبغ بالسواد, وهو الذي روى عن أبي الزبير, ولو كان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صبغ.
والجواب: أن ابن جريج ليس صحابياً ولا تابعياً، وإذا كنا نقول الصحابي إذا خالف ما روى يؤخذ بروايته لا برأيه, فكيف بمن دونه؟ وابن جريج تابع تابعي وروايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معضلة.
وليس الأمر كما يقول بعضهم: إنها مدرجة, فالإدراج عادةً يكون من راوٍ في طريق واحدة, وهذه قد جاءت من عدة طرق، فالصواب أن يقال أن أبا الزبير يذكرها مرة وينفيها أخرى هكذا يقول المجيبون.
ومن أدلة من قال إن هذه الزيادة محفوظة ما ذكره الخلال في كتاب الوقوف والترجل، قال: أخبرنا عصمة بن عصام، قال: حدثنا حنبل، قال: سمعت أبا عبد الله يقول وأكره السواد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «وجنبوه السواد»
وأيضاً فقد ثبت عن أحمد كراهة السواد, وأجيب عن قول أحمد بأجوبة: فيقال أن كراهية السواد عن أحمد صحيحة؛ لكن الكلام في ثبوت هذه اللفظة عنه؛ لأنها من طريق حنبل وكتاب "الوقوف والترجل"