عَتِيدٌ} [ق: 18]؛ أي: ما يتكلَّم من خيرٍ أو شَرٍّ.

(يحرِّفون)؛ أي: في قوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46].

(يُزيلون)؛ أي: يزيلونه من جهة المعنى فقط؛ يتأولونه بغير الحقِّ المرادِ.

(وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله) اغترَّ بعضُهم بهذا، فزعم في تحريف التوراة والإنجيل خلافًا في أنه في اللّفظ والمعنى، أو في المعنى فقط، ومال إلى الثّاني، وجَوَّزَ مطالعَتَهما، وهذا قولٌ باطل؛ فلا خلاف أنهم حَرَّفوا وبَدَّلوا، فالاشتغالُ بكتابيهما، ونظرُهما ممتنعٌ إجماعًا، وقد غضب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حين رأى مع عُمر صحيفةً فيها شيءٌ من التوراة، وقال: "لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا، ما وَسِعَهُ إلا اتِّبَاعِي"، فلولا أنه معصيةٌ، ما غضبَ منه.

قلت: قد سبق في (باب: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]) بسنده عن ابن عبّاس: أنه قال: كيف تسألون أهلَ الكتابِ عن كتبهم، وعندَكم كتاب الله أقربُ عهدًا بالله، تقرؤونه مَحْضًا لم يُشَبْ، وهو كالصَّريحِ في أن غيرَ هذا الكتاب من كتبهم قد شِيبَ، وأن النظرَ فيه منكَرٌ؛ فلو كان التحريفُ في المعنى فقط، لم ينكر ذلك، ولا قال: إنّه لم يُشب، فيجبُ تأويلُ ما نُقل عن ابن عبّاس هنا بلا سند.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015