الرابع:
(مَتَّى) -بفتح الميم وتشديد المثناة والقصر- أبو يونسَ عليه الصّلاة والسلام، فلذلك عقبه بقوله: (ونسبه إلى أبيه)، وهي جملة حالية، وقيل: إنها أُمه، فمعنى: (ونسبه إلى أبيه): أنه ذكر مع ذلك اسم أبيه، والأولُ أصحُّ عند الجمهور، وإنّما خص من بين الأنبياء بذلك؛ لئلا يتوهم فيه غضاضة بسبب نزول: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم: 48]، وأمّا قولُه أوَّلًا: (أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونس بْنِ مَتَّى)، فلفظةُ (أنا) ساقطةٌ في بعض النسخ، وعلى ثبوتها، فيحتمل أنها كنايةٌ عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو عن كلّ متكلم، وعلى الأوّل، فيحتمل أنه قاله قبل أن يعلم بأنه سيدُ الخلق وخيرُهم، أو قاله تواضعًا، وهضمًا لنفسه - صلى الله عليه وسلم -، أو غير ذلك، وله أجوبةٌ أخرى سبقت مرارًا، وروايةُ: (هو خير)، تقوّي أَنَّ (أنا) لمطلق المتكلم.
* * *
7540 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا شَبابةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمِ الْفَتْح عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ -أَوْ: مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ-، قَالَ: فرَجَّعَ فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ، وَقَالَ: "لَوْلَا أَنْ يَجْتَمعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ"، يَحْكِي النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ؟ قَالَ: آآآ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.