(أنا مع عبدي ما ذكرني)؛ أي: ما دام ذاكرًا لي، وفي بعضها: (إذا ذكرني)، وفي بعضها: (ما إذا ذكرني)، وهذه المعيةُ معيةُ الرحمة واللطف، وأما المعية في قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، فمعية العلم.
* * *
7524 - حَدَّثَنَا قتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شدَّةً، وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَرِّكُهُمَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ - عزَّ وجلَّ -: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}، قَالَ: جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ، ثُمَّ تَقْرَؤُهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}: قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اسْتَمَعَ، فَإذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا أَقْرَأَهُ.
(يعالج)؛ أي: يحاول ويزاول؛ كان - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه القرآن، يعجَلُ به؛ ليحفظه، فيحرك لسانه وشفتيه، ويتوجَّه عليه وعلى ضبطه بمعالجة شديدة، فوعدَه الله تعالى بضمان حفظِه وفهمِه.