(باب: قول الله - عزَّ وجلَّ-: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29])

يخفِضُ ويرفَعُ، ويُعِزُّ ويُذِلُّ.

(وأَن حدثه)؛ أي: إحداثه، وسبق بيانُ أن صفاتِ الله تعالى إما سلبيات، وهي التنزيهات، وإما وجودية حقيقية؛ كالعلم، والقدرة، وهي قديمة، وإما إضافية؛ كالخلق، والرزق، وهي حادثة، ولا يلزم من حدوثها تَغَيُّرٌ في ذاته تعالى وصفاته، كما أن تعلُّقَ العلم والقدرة بالمعلومات والمقدورات حادثةٌ؛ وكذا كلُّ صفة فعلية، فعُلم من هذه القاعدة: أن الإنزالَ حادثٌ، والمنزَل قديمٌ باعتبار مدلوله، لا اللفظ الدالّ عليه؛ كما أن القدرة قديمةٌ، وتعلُّقَها حادثٌ.

قال المهلب: غرضُ البخاري من الباب: الفرقُ بين وصفِ كلامِه بأنه مخلوق، ووصفِه بأنه حادث بمعنى: لا يجوزُ إطلاقُ المخلوقِ عليه، ويجوزُ إطلاقُ الحادث عليه؛ أي: كما يقوله داودُ الظاهريُّ على أنه ليس المرادُ بالإحداث ضدَّ القديم؛ بل إنزال علمه.

قال (ك): الغالبُ أن البخاريَّ لا يقصد ذلك، ولا يرضى به؛ إذ لا فرقَ بينهما عقلًا ونقلًا وعرفًا، وقيل: قصدُه: أن حدوثَ القرآن وإنزالَه هو بالنسبة إلينا؛ وكذا ما أحدث من أمر الصلاة؛ فإنه بالنسبة إلى علمنا، وقيل: يحتمل أن يريد البخاري: حملَ لفظِ المُحْدَث على معنى الحديث، فمعنى: {مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]؛ أي: متحدَّثٍ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015