الكلام، وما يتعلق به، وختم كتابه به بعد فراغه من مسائل أصول الفقه، وإن كان المناسب في الوضع تقديمه على سائر ما في "الجامع"، ثم مسائل أصول الفقه، ثم الأحكام العمليات؛ إما أن ذلك للترقي إرادةً لختم الكتاب بالأشرف، وختامُه مسكٌ، وقدّم في هذا التوحيد، وهو أصلُ الأصول، وهو معنى كلمة الشهادة التي هي شعار الإسلام.
قال (ك): قالوا: صفاتُ الله تعالى إما عدميةٌ؛ أي: نفي النقائص، أو وجوديةٌ؛ أي: إثباتُ الكمالات، وتسمى الأولى: صفات الجلال، والثانية: صفات الإكرام {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 78]، وقدّم العدمية؛ لأن مقتضى العقل أن ينفي النقصان، ثم يثبت الكمال؛ كما يقال: تقدَّم التخليةُ على التحلية، فأشرفُ الجلاليات، وهي التنزيهات: نفي الشريك، وهو التوحيد، فلذلك قدَّمه، فهو أولُ الواجبات، وآخرُ ما تنحل إليه المقاصدُ.
والوجوديات سبعة: الحياة، والإرادة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام، وما سواها من صفات الرحمة، والخلق، وغيرِها كلُّها راجعة إليها.
وختم البخاريُّ بصفة الكلام؛ لأنه مدارُ الوحي، وبه تثبتُ الشرائع، ولهذا افتتح الكتابَ ببدء الوحي، فالانتهاءُ إلى ما منه الابتداء، وختمُه بباب الميزان ليس مقصودًا لذاته؛ بل لإرادة أن يكون آخرُ كلامه تسبيحًا وتحميدًا؛ كما أنه بدأ بالنية؛ لبيان إخلاصِه فيه،