ثم قيل: المراد بذلك: القرون التي في آخر الزمان، وإلا فقد شهد - صلى الله عليه وسلم - لقرن الصحابة والتابعين وأتباعهم بالفضل.
قال (ك): لا حاجة لذلك؛ لاحتمال أن يراد: أن المؤتمنين منهم قليل.
وقال (خ): يؤوّل الحديث بوجهين:
أحدهما: أن الناس في أحكام الدِّين سواء، لا فضل فيها لشريف على مشروف، ولا لرفيع على وضيع؛ كالإبل (المئة) لا يكون فيها راحلة، وهي التي تُرْحَل لتُركب؛ أي: كلها حمولة تصلح للحمل، والعرب تقول للمئة منَ الإبل: إبل، تقول لفُلان إبلٌ؛ أي: مئة، وله إبلان؛ أي: مئتان، فيكون قوله: (المئة) في الحديث توكيدًا.
وقال ابن مالك: فيه النعت بالعدد، وقد حكى سيبويه عن بعض العرب: أخذوا من بني فُلان إبلًا مئة، وذكر الراغب: أن الإبل في عرفهم اسم لمئة، فمئة إبل: هي عشرة آلاف.
والثاني: أنّ أكثر الناس أهلُ نقص، وأهلُ الفضل قليل؛ بمنزلة الراحلة في الإبل الحمولة؛ قال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187]، وقال الزُّهْرِي: إن الزهد في الدنيا قليل كقلة الراحلة في الإبل.
* * *